لمّا فصل الحسين (عليه السّلام) من مكّة
المعظّمة (زاد الله شرفها وتعظيمها) كان أوّل منزل مرّ به هو (بستان ابن عامر) ، وقيل
: بستان ابن معمّر. ذكر الحموي [١]
في معجمه قال : بستان بن معمر : مجتمع النخلتين ؛ النخلة اليمانية ، والنخلة
الشامية ، وهما واديان. والعامّة يسمّونه بستان ابن عامر ، وهو غلط. قال الأصمعي
وأبو عبيدة وغيرهما : بستان بن عامر إنّما هو لعمر بن عبيد الله بن معمّر بن عثمان
بن عمرو بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب. ولكنّ الناس غلطوا ، فقالوا
: بستان ابن عامر ، وبستان بنى عامر ، وإنّما هو بستان بن معمّر. وقوم يقولون : نسب
إلى حضرمي بن عامر ، وآخرون يقولون : نسب إلى عبد الله بن عامر بن كريز ، وكلّ ذلك
ظنّ وترجيم. وذكر أبو محمد عبد الله بن محمد البطليوسي في شرح كتاب (أدب الكاتب) ،
فقال : وقال ـ يعني ابن قتيبة [٢]
: ويقولون بستان ابن عامر ، وإنّما هو بستان ابن معمّر. وقال البطليوسي : بستان
ابن معمّر غير بستان ابن عامر ، وليس أحدهما الآخر ؛ فأمّا بستان ابن معمّر فهو
الذي يُعرف ببطن نخلة ، وابن معمّر هو عمر بن عبيد الله بن معمّر التيمي ؛ وأمّا
بستان ابن عامر فهو موضع آخر قريب من الجحفة ، وابن عامر هذا هو عبد الله بن عامر
بن كريز ، استعمله عثمان على البصرة ، وكان لا يعالج أرضاً إلاّ أنبط بها الماء. ويُقال
: إنّ أباه أتى به النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه
وآله) : «إنّه لمسقي». فكان لا يُعالج أرضاً إلاّ أنبط فيها الماء. وقال الأزرقي [٣]
: فإنّ بستان ابن معمّر في ملتقى النخلتين الشامية واليمانية ؛ أمّا البستان
القريب من مزدلفة فهو بستان ابن عامر ، يتّصل بثنية ابن كريز ، ويسمّى (ذو النخيل).
قلت : مرّ الحسين (عليه السّلام) بظعنه مجدّاً حتّى وافى التنعيم.