فانكشفوا من بين يديه انكشاف المعزي إذا
شدّ فيها الذئب ، ثمّ انحدر نحو المشرعة وكان عليها أربعة آلاف ، فكشفهم عن
المشرعة واقتحم الفرس في الفرات ونزل في الماء. قال : فمدّ الحسين يده وغرف غرفة
ليشرب وإذا بمنادي ينادي : يا حسين أتلتذ بالماء وقد هتكت حريمك؟ فرمى الماء من
يده وخرج من الفرات [١]
فحمل الى القوم فكشفهم على وجهه ونظر إلى الخيمة فإذا بها سالمة ، فعلم إنّها
مكيدة ، وناداه رجل آخر : ألا ترى الفرات يجري في بطون الحيات والله لن تذوق منه
قطرة حتّى تموت عطشا [٢]
، ثم حمل على القوم مرّة ثانية وهو يقول :
أنا الحسين بن علي
آليت أن لا أنثني
فلم يزل يقاتل حتى قتل جمعاً كثيراً من
الأعداء ، ثمّ رجع إلى مركزه وهو يقول : لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم [٣].
قال : واصيب بجراحات عديدة ، جاء إلى
مخيمه وصاح بالنساء ، فخرجت إليه الحوراء زينب ، فقال لها : أُخيه ، عَلَيَّ
بالمنديل لأشدّ به هذا الجرح ، فجاءت إليه بمنديل لتشدّ له جرحه ، وإذا ببدنه كله
يشخب دماً ، فقالت له : أخي ، ايّ جرح اشدّه لك ، الجرح الذي في رأسك؟ أم الجرح
الذي في جبهتك؟ أم الجرح الذي في صدرك؟ فرفع الثوب عن خاصرته وقال لها : اخية هذا
الجرح ضرّني ، فصاحت وا أخاه وا حسيناه.