عن سكينة بنت الحسين : أنّه لما كانت
الليلة العاشرة من المحرم ـ وكانت ليلة مقمرة ـ كنت جالسة في الفسطاط ، وإذا أنا
ببكاء ونحيب ، فسكت خوفاً من أن يعلمن النسوة ، فخرجت وأن أطأ أثوابي فأتيت إلى
خيمة أبي الحسين فرأيته جالساً وأصحابه حوله ، وهو يقول لهم :
«أصحابي أنتم جئتم معي لعلمكم بأنّي
أذهب الى جماعة بايعوني قلباً ولساناً ، والآن تجدونهم قد استحوذ عليهم الشيطان
ونسوا ذكر الله ، وقد لبّوا لقتلي وقتل من معي ، فمن يكره نصرتنا فليذهب في هذه
الليلة ، ومن بقي ونصرنا بنفسه يكون معنا في الدرجات العالية من الجنان ، ولقد
أخبرني أبي عن جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: أنّ ولدي الحسين يقتل بطفّ كربلاء ، إلا ومن نصره فقد نصرني ونصر ولده القائم ، ومن
نصرنا بلسانه فإنّه في حزبنا يوم القيامة».
قالت سكينة : والله ما تمّ كلامه حتّى
تفرق منه أصحابه من عشرة ومن عشرين حتى لم يبق معه إلّا ما ينقص عن الثمانين ، ورأيت
أبي وقد أطرق برأسه ، فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت ورفعت طرفي الى السماء
وقلت :
«اللّهمّ إنّهم خذلونا فاخذلهم ، ولا
تجعل لهم في الأرض مساكناً ، وسلّط عليهم الفقر ولا تنلهم شفاعة جدّنا».