جزاك الله عن الحسين
خيراً ، ولكن يا ولدي أما حملتك في بطني تسعة أشهر؟ قال : بلى ، قالت : أما سهرت
الليالي في تربيتك؟ قال : بلى ، وأنا لست بمنكر لحقّك عليَّ. قالت : إذاً عندي
وصية ، قال : وما هي يا أُمّاه؟ فقالت له : ولدي إذا أدركت سيد شباب أهل الجنّة
إقرأه عنّي السلام وقل له فليشفع لي يوم القيامة. فقال لها : يا أُماه وأنا أوصيك
بوصيّة ، قالت : ماهي؟ قال : إذا رأيت شاباً لم يتهنّا بشبابه وعرّيساً لم يهنأ
بعرسه اذكري عرسي وشبابي.
قال الراوي : ثم ودّعها وخرج من البصرة ،
وأقبل يجدّ السير في الليل والنهار واستخبر ببعض الطريق أنّ الحسين قد نزل كربلاء ،
وجعل يجدّ السير حتى وافى الحسين يوم العاشر من المحرم وحيداً فريداً ، فلما رآه
الحسين قال : سعيد هذا؟! قال : نعم سيدي ، قال : يا سعيد ما قالت لك اُمّك؟ فقال :
سيّدي تقرؤك السلام ؛ فقال الحسين عليهالسلام
: عليك وعليهاالسلام
، يا سعيد إنّ اُمك واُمي في الجنّة. ثم قال سعيد : سيّدي أتأذن لي أن اسلم على
بنات الرسالة؟ قال : نعم ؛ فأقبل سعيد حتى وقف بإزاء الخيام ونادى : السلام عليكم
يا آل بيت رسول الله. فصاحت جاريه زينب : وعليك السلام ، فمن أنت؟ قال : سيدتي أنا
خادمكم سعيد بن مرّة التميمي ، جئت إلى نصرة سيدي ومولاي الحسين. فقالت : يا سعيد
أما تسمع الحسين عليهالسلام
ينادي هل من ناصر؟ هل من معين؟ قال : ثم سلّم عليهنّ ورجع إلى الحسين ووقف يستأذنه
للبراز ، فأذن له الحسين عليهالسلام
، فحمل على القوم وجعل يقاتل حتى قتل جمعاً كثيراً ، فعطفوا عليه أعداء الله
فقتلوه ، ولمّا قتل سعيد مشى لمصرعه الحسين فجلس عنده ، وأخذ رأسه ووضعه في حجره ،
وجعل يمسح الدم والتراب عن وجهه ، وهو يقول : أنت سعيد كما سمّتك أمك ، سعيد في
الدنيا وسعيد في الآخرة.
وكان عليهالسلام
كلّما قتل منه قتيل يقف عند مصرعه ويؤبنّه إما بآية من القرآن ، أو بكلمة تناسبه.