لا تسلم على الأمير ،
فقال ابن زياد : دعه إن سلم أو لم يسلم فإنّه مقتول لا محالة ، ثم التفت إليه وقال
له : يا عاق يا شاق أتيت الناس وهم جمع فَشتَّتّ كلمتهم وفرقت جماعتهم ، فقال مسلم
: كلّا ما لهذا أتيت ولكن أهل هذا المصر زعموا أنّ أباك قتل خيارهم وسفك دمائهم ، فأتيناهم
لنأمر بالعدل وننهى عن الفحشاء والمنكر ؛ فقال له ابن زياد : وما أنت وذاك يا فاسق
كنت تشرب الخمر في المدينة. فقال مسلم : الفاسق من ولغ في دماء المسلمين ولغا ؛ ثم
قال له : لأقتلنّك شرّ قتلة ، فقال : إن قتلتني فلقد قتل شرّ منك خيراً منّي.
قال الراوي : ثم أقبل عليه يشتمه ويشتم
علياً وعقيلاً ، ومسلم ساكت لا يتكلم ثم قال : يابن زياد إن كنت عازم على قتلي دعني
أوصي بعض قومي ، قال : افعل ، فنظر مسلم إلى جلسائه فإذا فيهم عمر بن سعد بن أبي
وقاص ، فقال : يا عمر إن بيني وبينك لقرابة [١]
ولي إليك حاجة وهي وصية ؛ فأبى ابن سعد ، فقال له عبيدالله : قم وانظر لحاجة بن
عمّك ، فقام معه وجلس بحيث ينظر إليه ابن زياد ، فقال : أوصي ، قال : وصيّتي «فأنا
أشهد أن لا أله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله وأن علياً ولي الله ووصيّه وخليفته
في اُمته ، يابن سعد وإن عليّ دين بالكوفة استدنته منذ دخلت الكوفة ، وهي سبعمائة
درهم بع لامتي واقضها عنّي ، استوهب جثّتي من ابن زياد فوارها ، ثمّ ابعث إلى
الحسين من يرّده ، فإني كتبت إليه أعلمه أنّ الناس معه ولا أراه إلا مقبلاً).
فقال عمرو بن سعد لابن زياد : يا أمير
أتدري ما قال لي؟! قال كذا وكذا فقال ابن زياد : ما خانك الأمين ولكن ائتمنت
الخائن ، ثم قال : أمّا درعه فبعها واقض بها
[١] كان ابن أبي وقاص
بن وهيب والد آمنة وإنّ اُم عمر بن سعد وام علي بن الحسين عليهالسلام الأكبر اُمّهاتهنّ
أخوات فمن هنا ادّعاه مسلم بالقربة.