تشير الآية إلى
السيرة المستمرة بين العقلاء من تقسيم العمل بين الأفراد ، إذ لو لا ذلك لاختلّ
النظام ، ولا تشذ عن ذلك مسألة الإنذار والتعليم والتعلّم ، فلا يمكن أن ينفر
المؤمنون كافة لتحصيل أحكام الشريعة ، ولكن لما ذا لا ينفر من كلّ فرقة منهم طائفة
لتعلّم الشريعة حتى ينذروا قومهم عند الرجوع إليهم؟
وجه الاستدلال :
انّه سبحانه أوجب الحذر على القوم عند رجوع الطائفة التي تعلّمت الشريعة والمراد
من الحذر هو الحذر العملي ، أي ترتيب الأثر على قول المنذر. ثمّ إنّ إنذاره كما
يتحقّق بصورة التواتر يتحقّق أيضا بصورة إنذار بعضهم البعض ، فلو كان التواتر أو
حصول العلم شرطا في تحقّق الإنذار وبالتالي في وجوب الحذر لأشارت إليه الآية،
وإطلاقها يقتضي حجّية قول المنذر سواء أنذر إنذارا جماعيا أو فرديا ، وسواء أفادا
العلم أم لا.
يلاحظ على
الاستدلال : أنّ الآية بصدد بيان أنّه لا يمكن نفر القوم برمّتهم ، بل يجب نفر
طائفة منهم ، وأمّا كيفية الإنذار وانّه هل يجب أن يكون جماعيا أو فرديا فليست
الآية بصدد بيانها حتى يتمسّك بإطلاقها ، وقد مرّ في مبحث المطلق والمقيد انّه
يشترط في صحّة التمسّك بالإطلاق كون المتكلّم في مقام البيان.
ويشهد على ذلك انّ
الآية لم تذكر الشرط اللازم ، أعني : الوثاقة والعدالة ، فكيف توصف بأنّها في مقام
البيان؟!
نام کتاب : الموجز في أصول الفقه نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 165