عليه السلام فعل
صغيرة ، فلابد من أن يحمل قوله تعالى (غفرنا) على غير اسقاط العقاب ، لان العقاب قد
سقط بما هناك من الثواب الكثير من غير استغفار ولا توبة ، ومن جوز على داود عليه
السلام الصغيرة ، يقول ان استغفاره (ع) كان لاحد امور : أحدها ان اوريا بن حنان
لما اخرجه في بعض ثغوره قتل ، وكان داود (ع) عالما بجمال زوجته فمالت نفسه إلى
نكاحها بعده ، فقل غمه بقتله لميل طبعه إلى نكاح زوجته ، فعوتب على ذلك بنزول
الملكين من حيث حمله ميل الطبع ، على أن قل غمه بمؤمن قتل من اصحابه. وثانيها : انه
روى ان امرأة خطبها اوريا بن حنان ليتزوجها ، وبلغ داود (ع) جمالها فخطبها ايضا
فزوجها اهلها بداود وقدموه على اوريا وغيره ، فعوتب (ع) على الحرص على الدنيا ، بأنه
خطب امرأة قد خطبها غيره حتى قدم عليه. وثالثها : أنه روي ان امرأة تقدمت مع زوجها
إليه في مخاصمة بينهما من غير محاكمة لكن على سبيل الوساطة ، وطال الكلام بينهما
وتردد ، فعرض داود (ع) للرجل بالنزول عن المرأة لا على سبيل الحكم لكن على سبيل
التوسط والاستصلاح ، كما يقول احدنا لغيره : إذا كنت لا ترضى زوجتك هذه ولا تقوم
بالواجب من نفقتها فانزل عنها. فقدر الرجل ان ذلك حكم منه لا تعريض ، فنزل عنها
وتزوجها داود (ع) ، فاتاه الملكان ينبهانه على التقصير في ترك تبيين مراده للرجل ،
وأنه كان على سبيل العرض لا الحكم. ورابعها : ان سبب ذلك ان داود (ع) كان متشاغلا
بعبادته في محرابه ، فأتاه رجل وأمرأة يتحاكمان ، فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها
فيحكم لها أو عليها ، وذلك نظر مباح على هذا الوجه ، فمالت نفسه إليها ميل الخلقة
والطباع ، ففصل بينهما وعاد إلى عبادته ، فشغله الفكر في أمرها وتعلق القلب بها عن
بعض نوافله التي كان وظفها على نفسه فعوتب. وخامسها : ان المعصية منه انما كانت
بالعجلة في الحكم قبل التثبت ، وقد كان يجب