يكون (ع) لم يتمكن من
ذلك ولا قدر عليه فلذلك عدل عنه. تنزيه يوسف (ع) عن الرضا بالسجود له : (مسألة) : فان
قيل : فما معنى قوله تعالى :(ورفع ابويه على العرش وخروا له سجدا) وكيف يرضى بأن يسجدوا له والسجود لا
يكون إلا لله تعالى؟. (الجواب) : قلنا في ذلك وجوه : منها : ان يكون تعالى لم يرد
بقوله انهم سجدوا له إلى جهته ، بل سجدوا لله تعالى من أجله ، لانه تعالى جمع
بينهم وبينه ، كما يقول القائل : انما صليت لوصولي إلى اهلي ، وصمت لشفائي من
مرضي. وإنما يريد من اجل ذلك. فان قيل : هذا التأويل يفسده قوله تعالى :(يا
أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) قلنا : ليس هذا التأويل بمانع من
مطابقة الرؤيا المتقدمة في المعنى دون الصورة ، لانه (ع) لما رأى سجود الكواكب
والقمرين له كان تأويل ذلك بلوغه أرفع المنازل وأعلى الدرجات ونيله أمانيه واغراضه
، فلما اجتمع مع أبويه ورأياه في الحال الرفيعة العالية ونال ما كان يتمناه من
اجتماع الشمل ، كان ذلك مصدقا لرؤياه المتقدمة. فلذلك قال : (هذا
تأويل رؤياي من قبل).
فلا بد لمن ذهب إلى أنهم سجدوا له على الحقيقة من أن يجعل ذلك مطابقا للرؤيا المتقدمة
في المعنى دون الصورة ، لانه ما كان رأى في منامه ان اخوته وأبويه سجدوا له ، ولا
رأى في يقظته الكواكب تسجد له. فقد صح ان التطابق في المعنى دون الصورة. ومنها : أن
يكون السجود لله تعالى ، غير أنه كان إلى جهة يوسف (ع) ونحوه ، كما يقال : صلى
فلان إلى القبلة وللقبلة. وهذا لا يخرج يوسف (ع) من التعظيم ، ألا ترى أن القبلة
معظمة وإن كان السجود لله تعالى نحوها. ومنها : أن السجود ليس يكون بمجرده عبادة
حتى يضاف إليه من الافعال ما يكون عبادة ، فلا يمتنع أن يكون سجدوا له على سبيل
التحية والاعظام والاكرام ، ولا يكون ذلك منكرا لانه لم يقع على وجه العبادة التي
يختص بها القديم تعالى وكل هذا واضح. تنزيه يوسف (ع) عن طاعة الشيطان : (مسألة) : فان
قيل : فما معنى قوله تعالى حكاية عنه (ع) من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي ،