وسوبق إليه وانتهزت
غرته ، واغتنمت الحال التي كان فيها متشاغلا بتجهيز النبي صلى الله وآله عليه ، وسعى
القوم إلى سقيفة بني ساعدة ، وجرى لهم فيها مع الانصار ما جرى ، وتم لهم عليهم كما
اتفق من بشير بن سعد ما تم وظهر ، وانما توجه لهم من قهرهم الانصار ما توجه ان
الاجماع قد انعقد على البيعة ، وأن الرضا وقع من جميع الامة وروسل امير المؤمنين
عليه السلام. ومن تأخر معه من بني هاشم وغيرهم مراسلة من يلزمهم بيعة قد تمت ووجبت
لا خيار فيها لاحد ، ولا رأي في التوقف عنها لذي رأي ثم تهددوه على التأخر ، فتارة
يقال له لا تقم مقام من يظن فيه الحسد لابن عمه ، إلى ما شاكل ذلك من الاقوال
والافعال التي تقتضي التكفل والتثبت ، وتدل على التصميم والتتميم. وهذه امارات بل
دلالات تدل على ان الضرر في مخالفة القوم شديد. وبعد ، فان الذي نذهب إليه من سبب
التقية والخوف مما لابد منه ، إذا فرضوا ان مذهبنا في النص صحيح ، لانه إذا كان
النبي صلى الله عليه وآله قد نص على امير المؤمنين (ع) بالامامة في مقام بعد مقام
وبكلام لا يحتمل التأويل ، ثم رأى المنصوص عليه اكثر الامة بعد الوفاة بلا فصل ، اقبلوا
يتنازعون الامر تنازع من لم يعهد إليه بشئ فيه ، ولا يسمع على الامامة نصا لان
المهاجرين قالوا نحن احق بالامر ، لان الرسول صلى الله عليه وآله منا ولكيت وكيت.
وقال الانصار نحن آويناه ونصرناه فمنا امير ومنكم أمير. هذا ، والنص لا يذكر فيما
بينهم. ومعلوم ان الزمان لم يبعد فيتناسوه ومثله لا يتناسى ، فلم يبق إلا أنه
عملوا على التصميم ووطنوا نفوسهم على التجليح ، وأنهم لم يستيجزوا الاقدام على
خلاف الرسول صلى الله عليه وآله في اجل اوامره واوثق عهوده ، والتظاهر بالعدول عما
اكده وعقده ، إلا لداع قوي وامر عظيم يخاف فيه من عظيم الضرر ، ويتوقع منه شديد
الفتنة. فأي طمع يبقى في نزوعهم بوعظ وتذكير؟ وكيف يطمع في قبول وعظه والرجوع إلى
تبصيره وارشاده من رآهم لم يتعظوا بوعظ