نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 84
الدّائم والحياة
الدّائمة. وهذا هو القول بالطّبع [١] فإنه لا يخلو أن تفعل الشّجرة ذلك باختيارها أو توجبه
بنفسه ، ومحال أن تفعل باختيارها فإنّها جماد ، ولو قدّرت حيّا لم يصحّ فعلها في
غيرها ، فإنّ القدرة الحادثة لا تتعلّق بما خرّج عن محلها ، فلم يبق إلا الطّبع ،
والقول به كفر ، فمن قال إنّه أكلها قاصدا لما ذكرناه ، ألزم اعتقاد وقوع هذه
الجهالات كلّها من آدم عليهالسلام وهي لا تجوز عليه ، فإنّها تؤدّي إلى الكفر الصّراح.
ومعلوم من دين
الأمّة أنّه ما كفر نبيّ قطّ ، ولا جهل الله تعالى ، ولا سجد لوثن ، ولا أخبر
تعالى عن واحد منهم بالكفر ، ولا بما دون الكفر من المعاصي قبل النّبوّة وبعدها ،
سوى قصة آدم عليهالسلام ، فمن قال بسوى هذا فعليه الدّليل ، ولا دليل!.
فإن
قيل : ولعلّه كان يعتقد
أنّ إبليس أعلم أنّه من أكل منها يخلد في الجنّة بإرادة الله تعالى لا بالطبع
والإيجاب!.
قلنا
: باطل ، فإنّ الله
تعالى أعلمه قبل ذلك بنقيض قول الشّيطان في أنّ الأكل منها سبب الخروج ، فلو اعتقد
الخلود فيها إذا أكل من الشّجرة بقول الشّيطان لكان مكذّبا للخبر السابق من الله
تعالى ، وهو الذي فرغنا من استحالته عليه. فلم يبق إلاّ أنه أكل منها ناسيا ،
فإنّه إذا لم يصحّ العمد لم يبق إلا النّسيان ، على أنّا لو قدّرنا وقوع هذه
القبائح من أدنى عاقل مؤمن من البله منّا لم يصحّ ، فكيف يصحّ ممن خلقه الله تعالى
بيده ، وأسجد له ملائكته ، وجعله قبلة لهم ، وعلّمه الأسماء كلّها ، وجعله معلما
لهم ، كلّمه بلا ترجمان على جهة الإكرام والإعلام والنّصيحة؟! جاء في الصّحيح عن
أبي هريرة رضياللهعنه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال [٢] : آدم نبيّ مكلم ، يعني بغير
[١] الطّبائعيون ، أو
الدّهريون. ومنهم اليوم القائلون بالماديّة التاريخية والمادية الديالكتيكيّة.
[٢] قال في الجامع
لأحكام القرآن :المكلّم موسى عليهالسلام
، وقد سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم
عن آدم أنبيّ مرسل هو؟ فقال : نعم نبيّ مكلّم.
قال ابن عطيّة : وقد تأول بعض الناس أن
تكليم آدم كان في الجنّة. فعلى هذا تبقى خاصية موسى.
ـ و: (من كلّم) أي : من كلّمه الله.
نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 84