نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 66
وذلك أنّ الإنعام
هاهنا إنّما هو في أن وهبه [١] الله تعالى إيمانا لا يفارقه إلى الممات ، إذ لو كان في
معلوم الله تعالى أن يسلبه إيّاه عند الوفاة لم يسمّه نعمة ، فإنّ ثمرة الإيمان
إنما تجتنى في الآخرة ، وإيمان زائل لا ثمرة له في الآخرة لا يسمّى نعمة بل هو نقمة.
كإيمان بلعم بن باعورا [٢] وغيره من المخذولين المبدّلين ، نعوذ بالله من بغتات سخطه.
فخرج من فحوى ذكر
هذه النّعمة أنّ زيدا يموت مؤمنا ، فكان ذلك وزيادة أنه مات أميرا شهيدا مقدما بين
الصّفّين ، في يوم مؤتة ، كان قد قدّمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الجيش في حديث يطول ذكره ، ثم قتل شهيدا ، فنزل الوحي
على رسول
الله صلىاللهعليهوسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال [٣] : «أخذ الرّاية زيد فأصيب» ، إلى قوله : «لقد رفعوا لي في
الجنّة على أسرّة من ذهب». الحديث.
فهذه معجزة صحّت
له ـ عليهالسلام ـ من باب الإخبار بالغيوب ، فوقعت بمحضر الأشهاد كما أخبر
عنها ، كما وقع نقيضها في قصّة أبي لهب [٤] حيث أخبره ربه في قرآن يتلى أنّه من أهل النّار ، ومات
كافرا فكان ذلك.
[١] قول المؤلف رحمهالله تعالى (أن وهبه الله
تعالى إيمانا ..) المقصود هنا زيد رضياللهعنه
أي : أن وهب والده زيدا إيمانا لا يفارقه ... إلخ.
[٢] بلعام بن باعوراء
كان أيام موسى عليهالسلام
، قال القرطبي ٧ / ٣١٩ كان في مجلسه اثنتا عشرة ألف محبرة للمتعلّمين الذين يكتبون
عنه. ثم صار بحيث أنه كان أول من صنّف كتابا في أن : ليس للعالم صانع! وقال مالك
بن دينار : بعث بلعام بن باعوراء إلى ملك مدين ليدعوه إلى الإيمان فأعطاه الملك
وأقطعه فاتّبع دينه وترك دين موسى ، ففيه نزلت هذه الآيات (يعني الآيات ١٧٥ ـ ١٧٧
من سورة الأعراف).
[٣] في مسند الإمام
أحمد ٣ / ١١١٣ و ١١٨ ، ولم ترد في العبارة : «لقد رفعوا لي في الجنّة على أسرّة من
ذهب».
ـ وانظر الخبر مطوّلا في السّير
والمغازي لابن كثير ٣ / ٤٤٥ وما بعدها ، الواقدي ٧٥٥.