نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 58
فصل
[تفصيل في معنى «الهمّ» وتوضيح]
فإن قيل : فما
الحقّ الذي يعوّل عليه في هذا الهمّ؟!
فنقول ؛ أوّلا :
إنّ بعض الأئمّة ذكروا أنّ الإجماع منعقد على عصمة بواطنهم من كلّ خاطر وقع فيه
النّهي ، وللمحقّقين أقوال في هذا الهمّ نذكر المختار منها إن شاء الله تعالى.
فمنهم من قال :
إنّ في الكلام تقديما وتأخيرا [١] ، وترتيبه أن يكون : ولقد همّت به ، ولو لا أن رأى برهان
ربّه لهمّ بها ، ويكون البرهان هنا النّبوّة والعصمة ، وما كاشف من الآيات وخوارق
العادات ، والتّقديم والتّأخير في لسان العرب سائغ.
ومنهم من قال :
همّ بحكم البشريّة مع الغفلة عن ارتكاب النّهي. ثم ذكّره الله تعالى الإيمان
وتحريم المعصية وشؤمها والوعيد عليها ، وهو البرهان الأعظم فصرف عنه السّوء
والفحشاء ، ولذا قال بعضهم : همّ وما تمّ ، لأن العناية من ثمّ! [٢].
ومنهم من قال :
كاد أن يهمّ لو لا العصمة السّابقة ، فيكون الهمّ هنا مجازا.
ومنهم من قال :
همّ همّ الفحوليّة ، وذلك أنه كان ـ عليهالسلام ـ فحلا شابّا خلت به امرأة ذات جمال وغنج ، وطالبته تلك
المطالبة ، فاهتزّ هزّة الفحل بهزّ ضروريّ غير مكتسب [٣] ، فسمّي ذلك الاهتزاز همّا لكونه من أسباب الهمّ كما
تقدّم.
[١] نقل في اللسان
قال أبو حاتم : قرأت غريب القرآن على أبي عبيدة فلمّا أتيت على قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) الآية ، قال أبو عبيدة هذا على التقديم
والتأخير كأنه أراد : ولقد همّت به ولو لا أن رأى برهان ربّه لهم بها ، اللسان (ه
م م).
[٢] أي : همّ ، ولم
يتم شيء من ذلك الهمّ ، لأنّ العناية الإلهية كانت هنالك.