نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 46
٣٨ / ٢٤] ، فيخرج
البغي مخرج الظّلم حرفا بحرف ، فإنّه إذا ساغ في اللّسان ـ والمعتاد أن يسمّى مالك
الكثير إذا طلب من المقلّ قليله ظالما ـ فلا غرو أن يسمّى باغيا.
ولو أن رجلا كان
له عبدان مطيعان له ، مستقيمان غاية ما يمكنهما من وجوه الاستقامة ، فأحسن إلى
أحدهما وأعطاه ووسّع عليه ورفّه معيشته ، ولم يحسن للآخر بغير ما ألزمه الله ممّا
يتعيّن للعبيد على السّادة لسمّى العقلاء هذا السّيّد ظالما باغيا ، من حيث إنّه
أحسن لأحدهما ولم يحسن مع الآخر ، مع تساويهما في الطّاعة والنّصيحة ، والسّيد مع
هذا التّخصيص بالإحسان لأحدهما ، لم يأت في الشّرع بمحظور ولا بمكروه.
بل كلّ ما فعل
معهما مباح له.
فهذا وجه من وجوه
التخلّص من هذه الأقوال ، وأنّها مباحة لقائلها وفاعل ما وقع منها من غير أن يلحقه
ذمّ من الشّرع ولا ثلب.
وأمّا قوله : (وَقَلِيلٌ
ما هُمْ) فمقصوده الأكابر الأفراد من المحسنين المؤثرين ، فإنّهم
يحسنون في المباحات كإحسانهم في المشروعات ، فيتعاونون في العشرة ، ويتناصفون في
الخلطة ، كما قال تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى
أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) [الحشر : ٥٩ / ٩].
ثم قال : (وَقَلِيلٌ
ما هُمْ) فإنّهم الكبريت الأحمر ، وهذا آخر خطابه للملائكة.
فصل
[تذييل على قصة داود عليهالسلام]
والذي يكمل به هذا
التفسير ويعضده نكتة شريفة ، وذلك أنّ الله تعالى أخبر بما وقع بين داود ـ عليهالسلام ـ وبين الخصم من محاورة ومراجعة ، وأنّ ذكر التكفّل والعزّة في الخطاب
كلامهما ، وما أخبر به تعالى عن قول قائل فليس هو في الإلزام كالّذي يخبر به عن
نفسه وحكمه. فمن أخبر تعالى أنّه ظلم ، وغلب ، وبغى في المشروعات ،
نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 46