نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 134
فاخترنا الكلام في
هاتين القصّتين لكونهما مما يصحّ معناهما لو صحّ أثرهما. فلو صحّ ما قالوه من
القولتين أو إحداهما لتصوّر الخروج عنهما بأحسن مخرج.
فأما قصّة الحمل ،
فقد يكون يغلب الظنّ أن جاره ليس يحتاج إليه في ذلك الوقت ، وقد نعلم [١] أنّه يمكنه أن يصنع مثل ذلك ، فإنّ ثمن الحمل يسير ، وليس
كلّ فقير مملقا ، وقد يحتمل أنّه نسي أن يواسيه منه ، وليس يلحقه في ذلك عتب ولا
ذنب ، على أنّه لو ترك إعطاءه قاصدا لم يكن مذنبا ، فإنّ مؤاساة الجار مندوب إليها
، ومن ترك المندوب فلا ذنب عليه.
وأما قولهم : إنه
لم يغيّر المنكر على الملك الجبّار ، فعين هذا القول عذر عنه.
فإنّ لزوم تغيير
المنكر إنّما هو مع الإمكان ، قال تعالى : (الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) [الحج : ٢٢ / ٤١]. فلما علم جبروت [٢] الملك خاف على نفسه ، ولم يمكنه تغييره بظاهره لئلا يقع من
الجبّار منكر أكبر ممّا رآه في منزله ، فغيّر بقلبه.
ويحتمل أن يكون
ذلك الملك لم يكن من أمّته ، ولا أرسل إليه ، فلم يغيّر عليه ، إذ لا يلزمه ذلك.
كما مرّ موسى عليهالسلام على قوم يعكفون على أصنام لهم فغيّر على قومه ولم يغيّر عليهم ، لكونه لم
يرسل إليهم ، فإنّ النبيّ لا يلزمه التّغيير إلاّ على من أرسل إليه.
فقد خرجت القولتان
بحمد الله على أحسن مخرج إذا صحّتا.
وأما قوله : (مَسَّنِيَ
الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) [ص : ٣٨ / ٤١] أي
ببلاء وشر.
جاء في خبر يطول
ذكره ، فلنذكر منه ما لا بدّ من ذكره.