نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 125
وهذا أوسع في عذر
موسى عليهالسلام ، إذ لم يكن مشروعا له عند ما قتله ، وإن كان قد التزم
شريعة يوسف عليهالسلام على وجه من الوجوه ، فتخرّج له على الوجه المتقدّم.
وأما قولكم : إن
الله تعالى عاتبه عند المناجاة على قتل القبطيّ فباطل ، وإنّما عدّد ربّه تعالى
عليه في ذلك المقام الكريم نعمه السّالفة عليه وآلاءه العميمة في قوله تعالى : (إِذْ
أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) [طه : ٢٠ / ٣٨ ـ ٣٩] إلى قوله تعالى : (وَاصْطَنَعْتُكَ
لِنَفْسِي) [طه : ٢٠ / ٤١] ثم
ذكر له من جملتها كيف نجّاه من كيد فرعون ، وغمّ كان في قلبه من أجل طلبه إياه حين
فرّ بنفسه منه.
ولو عاتبه ربّه
على ذلك لخرج له مخرج ما قدّمناه من عتاب الله تعالى لأنبيائه على بعض المباحات ،
من غير أن يلحق بهم ذنب ولا عتب.
وأمّا قوله عليهالسلام لفرعون : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ
الضَّالِّينَ) فيعني به : أنه كان عند ما قتله من الغافلين الغير مكلفين [١] ، فكأنه يقول له : فعلتها قبل إلزام التكليف ، وإذ كنت غير
مكلّف فلا تثريب عليّ ، فإنه لا يقع الذّنب والطّاعة إلا بعد ثبوت الأمر والنّهي ،
والدليل على أنّ ضلال الأنبياء غفلة لا جهل قوله تعالى لنبينا عليهالسلام[٢] : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) [الضحى : ٩٣ / ٧] يعني غافلا عن الشّريعة
[١] الفصيح أن يقال
غير المكلفين ، ورووا : الغير المكلّفين.
[٢] ووجدك ضالا : أي
غافلا عمّا يراد بك من أمر النبوة ، فهداك أي فأرشدك. والضلال هنا بمعنى الغفلة ،
كقوله تعالى : (لا يَضِلُّ رَبِّي
وَلا يَنْسى)
أي لا يغفل. وقال في حقّ نبيّه (وَإِنْ
كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ).
ـ وقال قوم : ضالا : أي لم تكن تدري
القرآن والشرائع فهداك الله إلى القرآن ، وشرائع الإسلام ، وهو معنى قوله تعالى : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا
الْإِيمانُ).
ـ وقال قوم : أي في قوم ضلال ، فهداك
إلى إرشادهم.
ـ ورويت وجوه أخرى كثيرة (القرطبي ٢٠ /
٩٦ ـ ٩٩).
نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 125