نام کتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء نویسنده : ابن خمير جلد : 1 صفحه : 110
ويعضد ذلك ما
سنذكره إن شاء الله تعالى في هذه القصّة من جمع أجزاء الطّيور بعد تفريقها.
وللنّاس في هذا عريض من القول لسنا الآن له.
وأمّا قوله تعالى
: (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) : سأله بالنّفي فأجابه ب «بلى» التي هي جواب النّفي لإثبات
المنفيّ. كأنه قال له : ألست مؤمنا بالبعث؟ قال : بلى ، معناه : أنا مؤمن به كما
علمت ، لكنّني أريد أن يطمئنّ قلبي برؤية الكيفيّة ، فقال تعالى له : (فَخُذْ
أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) أي : أملهنّ إليك
بالإحسان والتّعليم لكي تدعوها فتأتيك مجيبة لدعائك. ففعل ذلك ثم أخذ الطّيور
وذكّاها [١] وحزّ رءوسها ، وأمسكها عنده ، وهشم أجسامها وخلطها حتى
صارت جسما واحدا لا يتميّز بعضها من بعض ، ثم فرّقها على أربعة أجبل ، ثم قعد هو
في الجبل الوسط الذي أحاطت به الجبال الأربعة ، ثم دعاها فطارت القطرة من الدّم
إلى القطرة ، واللّحمة إلى اللحمة ، والريشة إلى الريشة ، وكذلك صكيك العظام [٢] ، وهو ينظر إليها حتى التأم كلّ جسد على ما كان عليه من
الأجزاء التي كانت له قبل ، ثم طار كلّ جسد إلى رأسه فالتأم به.
فصل
[تحليل في مجريات القصّة وتعليل]
انظروا ـ رحمكم
الله ـ إلى وقوع هذه الكيفيّة فإنّها تشبه بعث بعض الأجساد وجمعها وإحياءها وسرعة
مسيرها إلى أرض المحشر حذوك النّعل بالنّعل [٣].