نام کتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة نویسنده : الأمين، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 511
المجلس العاشر بعد المئتين
من كلام لأمير المؤمنين (ع) في صفة
الأموات : «سلكوا في بُطون البرزخ سبيلاً سُلِّطت الأرض عليهم فيه ، فأكلت من
لحومِهم وشربتْ من دمائهم ، فأصبحوا في فجَوات قبورِهم جماداً لا يَنْمون ،
وضِماراً لا يُوجدُون ؛ لا يُفزعُهم ورودُ الأهوال ولا يحزنهم تنكُّر الأحوال ،
ولا يحفلون بالرّواجف ولا يأذنون للقواصف. غُيّباً لا يُنتَظَرون وشهوداً لا
يحضرُون ، وإنّما كانوا جميعا فتشتَّتوا واُلاَّفاً فافتَرقوا. وما عن طول عهدهم ،
ولا بُعد محلِّهم عَميتْ أخبارُهم وصَمَّت ديارُهم ، ولكنّهم سُقوا كأساً بدّلتهم
بالنُّطق خَرَساً ، وبالسّمع صَمماً ، وبالحركات سُكوناً. جيرانٌ لا يتأنَّسون
وأحبَّاء لا يتزاورون ، بَلِيت بينهم عُرى التّعارف وانقطعت منهم أسباب الإخاء ؛
فكُلّهم وحيدٌ وهم جميع ، وبجانب الهجرِ وهم أخلاّء. لا يتعارفون لليلٍ صباحاً ولا
لنهار مساء ، أيُّ الجديدين [١]
ظعنوا فيه كان عليهم سرمداً ، شاهدوا من أخطار دارهم أفظعَ ممّا خافوا ، ورأوا من
آياتها أعظمَ ممّا قدَّروا. ولئن عميت آثارُهم وانقطعت أخبارُهم ، لقد رجعت فيهم
أبصارُ العِبر ، وسمعت عنهم آذانُ العقول ، وتكلّموا من غير جهات النُّطق ، فقالوا
: كَلَحت الوجوه النّواضر ، وخوت الأجسام النّواعم ، ولبسنا أهدام البِلى ،
وتكاءَدَنا ضيق المضجع ، وتوارَثْنا الوحشة ، فانمحت محاسنُ أجسادنا ، وتنكّرت
معارف صورنا ، وطالت في مساكن الوحشة إقامتُنا ، ولمْ نجدْ من كربٍ فرجاً ، ولا من
ضيقٍ مُتّسعاً. فلو مثّلتهم بعقلك ، أو كُشف عنهم محجوب الغطاء لك ، وقد ارتسختْ
أسماعهم بالهوامِّ فاستكَّتْ ، واكتحلت أبصارُهم بالتّراب فخَسَفَتْ ، وتقطَّعتْ
الألسنة في أفواههم بعد ذَلاقتها ، وهمدتْ القلوب في صدورهم بعد يقظتها ، وعاث في
كلِّ جارحة منهم جديدُ بلىً سَمَّجَها ، وسهَّل طُرقَ الآفةِ إليها ، لرأيت أشجان
قلوبٍ واقذاءَ عيون. وكم أكلتْ