نام کتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة نویسنده : الأمين، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 183
تندمل ، فمَن أنت
رحمك الله؟ فقلت : أنا بشير بن جذلم ، وجّهني مولاي علي بن الحسين عليهماالسلام وهو نازل بموضع كذا
وكذا مع عيال أبي عبد الله الحسين (ع) ونسائه. قال : فتركوني مكاني وبادروني ،
فضربت فرسي حتّى رجعت إليهم ، فوجدت النّاس قد أخذوا الطريق والمواضع ، فنزلت عن
فرسي وتخطّأت رقاب النّاس حتّى قربت من باب الفسطاط ، وكان علي بن الحسين عليهماالسلام داخلاً فخرج ومعه
خرقة يمسح بها دموعه وخلفه خادم معه كرسي ، فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك من
العبرة ، وارتفعت أصوات النّاس بالبكاء من كلّ ناحية يعزّونه ، فضجّت تلك البقعة
ضجّة شديدة ، فأومأ بيده أنْ اسكتوا ، فسكنت فورتهم ، فقال.
«الحمد لله ربّ العالمين الرحمن الرحيم
مالك يوم الدّين بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بعُد فارتفع في السّماوات العُلا
وقَرُب فشهد النّجوى ، نحمده على عظائم الاُمور وفجائع الدهور ، وألم الفجائع
ومضاضة اللواذع ، وجليل الرزء وعظيم المصائب الفاظعة الكاظّة الفادحة الجائحة. أيّها
القوم ، إنّ الله وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة وثلمة في الإسلام عظيمة ؛ قُتل
أبو عبد الله وعترته ، وسُبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل
السّنان ، وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة. أيّها النّاس ، فأيّ رجالات منكم
يُسرّون بعد قتله؟! أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله؟! أم أيّ عين منكم تحبس دمعها
وتضنّ عن انهمالها؟! فلقد بكتْ السّبع الشّداد لقتله ، وبكتْ البحار بأمواجها ،
والسّماوات بأركانها والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها والحيتان في لُجج البحار
، والملائكة المقرّبون وأهل السّماوات أجمعون. أيّها النّاس ، أيّ قلب لا ينصدع
لقتله؟! أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه؟! أم أيّ سمع يسمع هذه الثّلمة التي ثلمت في
الإسلام ولا يصم؟! أيّها النّاس ، أصبحنا مطرودين مشرّدين مذودين شاسعين عن
الأمصار من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها
، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إنْ هذا إلاّ اختلاق! والله ، لو أنّ النبي (ص)
تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا
بنا ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها ، وأكظّها وأفظعها
، وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب فيما أصابنا وما بلغ بنا ، إنّه عزيز ذو
انتقام». ثم دخل زين العابدين (ع) المدينة فرآها مُوحشة باكية ، ووجد ديار أهله
خالية تنعى أهلها وتندب سكّانها.
مَررتُ على أبياتِ آلِ محمّدٍ
فلَمْ أرَها أمثالَها يَوم حُلَّتِ
فلا يُبعدُ الله الدّيارَ وأهلَها
وإنْ أصبحتْ منهم برغم تخَلَّتِ
نام کتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة نویسنده : الأمين، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 183