فأتى عمر الى
أبي بكر فقال له : إلا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر لقنفذ وهو
مولى له : أذهب فدع لي عليا ، قال : فذهب الى علي فقال له : ما حاجتك؟ فقال : يدعوك
خليفة رسول الله ، فقال علي : لسريع ما كذبتم على رسول الله ، فرجع فأبلغ الرساله
، قال : فبكى أبو بكر طويلا ، فقال عمر الثانية : لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة
، فقال أبو بكر رضي الله عنه لقنفذ : عد إليه فقل له : خليفة رسول الله يدعوك
لتبايع ، فجاءه قنفذ فأدى ما أمر به ، فرفع علي صوته فقال : سبحان الله ، لقد أدعى
ما ليس له ، فرجع قنفذ ، فأبلغ الرسالة ، فبكى أبو بكر طويلا ثم قام عمر فمشى معه
جماعة حتى أتو باب فاطمة ، فدقو الباب فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا
أبة .. يا يارسول الله ماذا لقينا بعدك من إبن الخطاب وإبن أبي قحافة.
فلما سمع القوم
صوتها وبكاءها أنصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم تنصدع ، وأكبادهم تنفطر ، وبقى عمر
ومعه قوم ، فأخرجوا عليا فمضوا به الى أبي بكر ، فقالوا له : بايع ، فقال : إن أنا
لم أفعل فمه؟ قالوا : إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك ، فقال : إذا تقتلون
عبد الله وأخا رسوله ، قال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا ، وأبو
بكر ساكت لا يتكلم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال : لا أكرهه على شئ ما
كانت فاطمة الى جنبه.
فلحق علي بقبر
رسول الله (ص) يصيح ويبكي وينادي : يا أبن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني
، فقال عمر لأبي بكر رضي الله عنهما : أنطلق بنا الى فاطمة فانا قد أغضبناها
فأنطلقا جميعا فاستئذنا على فاطمة فلم تأذن لهما ، فأتيا عليا فكلماه فأدخلهما علي
عليها ، فلما قعدا عندها حولت وجهها الى الحائط ، فسلما عليها فلم ترد عليهما
السلام.
فتكلم أبو بكر
فقال : يا حبية رسول الله ، والله أن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي ، وأنك
لأحب الي من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أني