وانما قلنا (ولم
يعارضه أقوى منه) ليخرج ما جاء مخالفاً للكتاب العزيز أو السنة المتواترة أو قام
الدليل القاطع على خلافه ، كما يتضمن تكليف ما لا يطاق أو تحسين ما قطع العقل
بقبحه أو بالعكس.
لا مثل البراءة
الاصلية ، لانها ليست دليلا قاطعاً ، لان العقل يجوز مجئ التكليف بخلافتها.
وانما قلنا (بوجوب
العمل به) لانه يثمر ظناً راجحاً بلا مرية ، والعمل بالمرجوح ممتنع عقلا.
ولان المعروف
من شأن الصحابة والتابعين وأصحاب الائمة عليهم السلام ومن بعدهم العمل به : يعلم ذلك
علماً ضرورياً لمن تتبع آثارهم وسيرهم بحيث لا يرتاب فيه ، فان نازع بعد ذلك منازع
فهو مكابر.
والسيد المرتضى
رحمه الله تعالى وجماعة من كبار علمائنا منعوا من العمل به ، محتجين بعدم الدليل
الدال على وجوب العمل به.
وإذا لم يقم
دليل على وجوب العمل لم يعمل به ، كما أنه لم يقم دليل على وجوب صلاة سادسة.
قالوا : وما
نقلتموه من أن الصحابة ومن بعدهم كانوا يعملون بأخبار الاحاد ، فهي أيضاً أخبار
آحاد لا تفيد علماً ، والعمل بخبر الواحد مسألة أصولية ولا يجوز أن يكون مستندها
ظناً ، فكيف تعلمون أن الله تعبدكم بالعمل بخبر الواحد.
وبعد تسليم صدق
هذه الاحاديث انما علم لكم أن الصحابة عملوا عندها لابها ، فجاز أن يكونوا تذاكروا
بها نصاً أو تأيد بها عندهم دليل آخر ، فتاسوي حاصل والشك والتوقف فرض من فقد
الدليل القاطع.
والاقوى الاول
، وفيما ذكرناه سابقاً مقنع.
وما ذكره رحمه
الله كالمغالطة على المعلوم ، والادلة من الجانبين مستوفاة في الاصول.