نكتفي في الاجابة على ذلك بكلام الامام
نفسه ، الذي رواه عبد الكريم الرافعي في كتابه (التدوين). فإن هذا النص يلقي الضوء
على مدى وعي الامام عليه السلام للظروف السائدة والاسلوب الذي اتخذه لموقفه الحكيم
، قال الرافعي (لما جعل المأمون العهد إلى الرضا عليه السلام ، كتب :
بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد
لله الفعال لما يشاء ، لا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، يعلم خائنه الاعين وما
تخفي الصدور. وصلاته على نبيه محمد في الاولين والاخرين وآله الطيبين.
أقول
ـ وأنا علي بن موسى بن جعفر ين محمد بن علي ابن الحسين ـ : إن امير المؤمنين ـ
عضده الله بالسداد ، ووقفه للرشاد ـ عرف من حقنا ما جهله غيره ، فوصل أرحاما
قطعت ، وأمن أنفسا فزعت ، بل أحياها وقد تلفت ، وأغناها إذا صفرت ، مبتغيا رضا
رب العالمين ، لا يريد جزاء إلا من عنده ، وسيجزي الله الشاكرين ، ولا يضيع أجر
المحسنين.
إنه
جعل إلى عهده والامرة الكبري إن بقيت بعده ، فمن [١] حل عقدة أمر الله
بشدها ، وفصم عروة أحب الله إثباتها ، فقد أباح حريمة وأحل محرمة ، أذ كان بذلك
زاريا على الامام ، منتهكا حرمة الاسلام.