نام کتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 172
وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفىّ به ، ثم إن البشارة باسحاق كانت
معجزة ، لأن العجوز عقيم ، وأنها كانت مشتركة بين إبراهيم وامرأته ، بينما البشارة
بالذبيح فقد كانت لإبراهيم ، ثم امتحانا له ، دون الأم المبشرة به [١].
أضف إلى ذلك أن
الله سبحانه وتعالى يقول «وَبَشَّرْناهُ
بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ» [٢] ، فكيف يأمره الله بذبحه ، وقد وعده أن يكون نبيا [٣] ، ثم إن البشارة باسحاق إنما كانت مقرونة بولادة يعقوب
منه ، فلا يناسبها الأمر بذبحه مراهقا [٤] ، ومن هنا استدل محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل ،
وليس إسحاقا ، حيث يقول سبحانه وتعالى «فَبَشَّرْناها
بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ» [٥] ، فكيف تقع البشارة بإسحاق ، وأنه سيولد له يعقوب ، ثم
يؤمر بذبح إسحاق ، وهو صغير قبل أن يولد له ، هذا لا يكون لأنه يناقض البشارة
المتقدمة ، وهناك ما روي من أن عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي ، سأل رجلا من
علماء اليهود ، كان قد أسلم وحسن إسلامه : أي ابنيّ إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال
إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم ذلك ، ولكنهم يحسدونكم معشر
العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه ، والفضل الذي ذكره الله منه
لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه
[١] مجموع فتاوى شيخ
الإسلام احمد بن تيمية ٤ / ٣٣١ ـ ٣٣٥ ، وانظر : روح المعاني ٢٣ / ١٣٤ تفسير الطبري
٢٣ / ٨٥