[١] لا شك ولا ريب أن
الامام العسكري عليهالسلام
كان على علم بتعلّق الارادة الالهية بغيبة ولده المهدي (عج) من بعده ، ثم ظهوره
ليقيم دولة العدل في الارض ، وهذا الامر إنما يُلقي على عاتقه مسؤولية التمهيد
لهذه الغيبة والاعداد لها عملياً ، كون الامة آنذاك لم تعرف هذا الامر من قبل رغم
معرفتها له نظرياً عن طريق النبي صلىاللهعليهوآله
والائمة عليهمالسلام
من خلال أقوالهم والتي روتها كتب جمهور المسلمين ، لذلك عمه الامام العسكري عليهالسلام رغم قسوة الوضع
السياسي آنذاك الى ربط الامة بهذه الفكرة عملياً ، وذلك عن رطيق إقناعهم أولاً
بفكرة ولادته ، ثم مهد لذلك الامر بعد ذلك الى إقناعهم بغيبته ، وقد سلك لهذه
الامر عن طريق جملة من الاجراءات يُمكن تلخيصها بما يلي :
ـ التمويه على السلطات الحاكمة وأجهزتها
داخل المجتمع بشأن ولادته ، لا سيما وأن السلطات كانت عارفة بأن هناك مَن سيُنهي
طغيانها ووجودها بظهور هذا المخلّص الاعظم وهو من ذريته ، لذلك عمد الامام الى
إخفاء ولادته والتكتّم عليه بأقصى درجات الحيطة والحذر ، ولم يصدر أو يصرّح بأي
شيء لهذه الولادة الّا لخُلّص شيعته ، وبهذا الصدد يقول الشيخ الطبرسي : وكان
العسكري قد أخفى مولد ولده المهدي لشدة طلب السلطان له ، وإجتهاده في البحث عن
أمره ، فلم يره إلّا الخواص من شيعته. اعلام الورى ٢ / ١٥١.
ـ اعلانه بعرضه عليهالسلام على الخواص من شيعته ومَن يأمن به حتى
يكون الامر معلوماً وليس أسطورة كما يتبادر الى الاذهان ، وفي هذا المجال كان
العسكري عليهالسلام
يبث بين خواصه وشيعته صفات ولده المهدي ، وماذا سيفعل اذا خرج بعد غيبته الكبرى.
ـ مهّد الامام العسكري عليهالسلام لغيبة ولده ، ثم قيامه بعدّة إجراءات ،
ومنها مسألة الاحتجاب عن الناس ، وكذلك عمله بنظام الوكلاء ـ كما مر ذكره ـ وهذا
الاجراء إنما هو تمهيد مسبّق كما سيمرّ به ولده من بعده من غيبةٍ صغرى وعمله بنظام
السفراء. قال الصدوق بسند متصل الى أبي غانم الخادم قال : لمّا ولد لأبي محمد عليهالسلام ولدً سمّاه محمد ، ثم عرضه على أصحابه
في اليوم الثالث وقال لهم : هذا صاحبكم من
نام کتاب : ملحمة قوافل النّور نویسنده : حسين بركة الشامي جلد : 1 صفحه : 685