دوره في بناء الدولة
والمجتمع الإسلامي ، فاتّخذ من المسجد الأعظم مقرّاً لحكمه الذي تميّز بالعدل
والمساواة بين النّاس والإحسان إلى الفقراء والمساكين ، وإعادة الأمّة إلى نهجها
الأصيل ومنابعها الرسالية الأولى وتذكيرها بسيرة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
لكنّ الوارج ومن
يشاركهم العداء للإمام ونهجه الحق ، تآمروا على إرتكاب أبشع جريمة في تأريخ
الإسلام ، وهي إغتيال الإمام علي عليهالسلام
في ليلة القدر في محراب صلاته في مسجد الكوفة ، حيث كانت الجريمة على يد الخارجي
اللّعين «عبد الرحمن بن ملجم» في رواية معروفة في كتب التاريخ ، وعندما وقع السيف
على رأسه الشريف قال قولته الخالدة التي لم يقلها أحد قبله ولا بعده : «فُزتُ وربّ
الكعبة».
[١] بعد شهادة الإمام
علي عليهالسلام
بايع المسلمون ولده الإمام الحسن عليهالسلام
في ظروف صعبة وحزن عميق لفّ الكوفة وخيم نفوس أهلها بالأسى ، وقد وقف الإمام
الحسين عليهالسلام
خطيباً في النس فألقى خطبته الشهيرة التي أبّن فيها والده الفقيد العظيم بقوله : «لقد
قُبِض في هذه اللّيلة رجل لم يسبقه الأوّلون ، ولا يدركه الآخرون ، لقد كان يجاهد
مع رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فيقيه بنفسه ، ولقد كان يوجهه برايته ، فيكتنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن
يساره فلا يرجع حتّى يفتح الله عليه ، ولقد توفي في هذه اللّيلة التي قُبِض فيها
موسى بن عمران ورفع بها عيسى بن مريم وأُنزل القرآن ، وما خلّف صفراء ولا بيضاء
إلّا سبعمائة درهم من عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله». اليعقوبي ٢ / ١٦٠ ، ومقاتل
الطابيين ٣ / ١٦.
وكان أوّل عمل قام به الإمام الحسن عليهالسلام هو استكمال نهج أبيه في مقاومة
الإنحراف ومواجهة تحدِّيات البغاة في الشام ، فأراد أن يعيد بناء الجيش وتعبئة
المقاتلين فزاد في عطائهم ، لكن استجابتهم كانت ضعيفة في حين كان معاوية يجهز
جيشاً قوياً استعداداً للزحف نحو العراق.
نام کتاب : ملحمة قوافل النّور نویسنده : حسين بركة الشامي جلد : 1 صفحه : 166