فَلَا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ، وَ لَاتَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ، وَ لَاتُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ، وَ لَاتَظُنُّوا بِيَ اسْتِثْقَالًا فِي حَقِّ قِيلَ لِي، وَ لَاالِتمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي، فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَو الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ، كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ، فَلَا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ، أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ، فَإِنِّي لَسْتُ في نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِيءَ، وَ لَاآمَنُ ذلِكَ مِنْ فِعْلِي، إِلَّا أَنْ يَكْفِيَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي، فَإِنَّما أَنَا وَ أَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَارَبَّ غَيْرُهُ؛ يَمْلِكُ مِنّا مَا لَانَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَ أَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحَنَا عَلَيْهِ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى، وَ أَعْطَانَا الْبَصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى.
و من خطبة له (ع) (217)
في التظلم و التشكي من قريش
اللَّهُمَّ إنّى أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ أَكْفَؤُوا إِنَائِي، وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي، وَ قَالُوا: أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَ فِي الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ، فَاصْبِرْ مَغْمُوماً، أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً. فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ، وَ لَاذَابٌّ وَ لَامُسَاعِدٌ، إِلَّا أَهْلَ بَيْتِي فَضَنَنْتُ بِهِمْ عَنْ الْمَنِيَّةِ فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى، وَ جَرِعْتُ رِيقِي عَلَى الشَّجَى، وَ صَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الْغَيْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ، وَ آلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ وَخْزِ الشِّفَارِ.
قال الشريف رضى الله عنه: و قد مضى هذا الكلام فى أثناء خطبة متقدّمة، إلّاأني ذكرته هاهنا لاختلاف الروايتين.