فَأَنْهَدَ جِبَالَهَا عَنْ سُهُولِهَا، وَ أَسَاخَ قَوَاعِدَهَا فِي مُتُونِ أَقْطَارِهَا وَ مَوَاضِعِ أَنْصَابِهَا، فَأَشْهَقَ قِلَالَهَا، وَ أَطَالَ أَنْشَازَهَا، وَ جَعَلَهَا لِلْأَرْضِ عِمَاداً، وَ أَرَّزَهَا فِيهَا أَوْتَاداً، فَسَكَنَتْ عَلَى حَرَكَتِهَا مَنْ أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا، أَوْ تَسِيخَ بِحِمْلِهَا، أَوْ تَزُولَ عَنْ مَوَاضِعِهَا.
فَسُبْحَانَ مَنْ أَمْسَكَهَا بَعْدَ مَوَجَانِ مِيَاهِهَا، وَ أَجْمَدَهَا بَعْدَ رُطُوبَةِ أَكْنَافِهَا، فَجَعَلَهَا لِخَلْقِهِ مِهَاداً، وَ بَسَطَهَا لَهُمْ فِرَاشاً! فَوْقَ بَحْرٍ لُجِّيِّ رَاكِدٍ لَايَجْرِي، وَ قَائِمٍ لَايَسْرِي، تُكَرْكِرُهُ الرِّيَاحُ الْعَوَاصِفُ. وَ تَمْخُضُهُ الْغَمَامُ الذَّوَارِفُ؛ «إِنَّ في ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى».
و من خطبة له (ع) (212)
كان يستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام في زمانه
اللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِكَ سَمِعَ مَقَالَتَنَا الْعَادِلَةَ غَيْرَ الْجَائِرَةِ، وَ الْمُصْلِحَةَ غَيْرَ الْمُفْسِدَةِ، فِي الدِّينِ وَ الدُّنْيَا فَأَبَى بَعْدَ سَمْعِهِ لَهَا إِلَّا النُّكُوصَ عَنْ نُصْرَتِكَ، وَ الْإِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دِينِكَ، فَإِنَّا نَسْتَشْهِدُكَ عَلَيْهِ يَا أَكْبَرَ الشَّاهِدينَ شَهَادَةً، وَ نَسْتَشْهِدُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا أسْكَنْتَهُ أَرْضَكَ وَ سَمواتِكَ، ثُمَّ أَنْتَ بَعْدُ الْمُغْنِي عَنْ نَصْرِهِ، وَ الْآخِذُ لَهُ بِذَنْبِهِ.