وَ سَقَى مَنْ عَطِشَ مِنْ حِيَاضِهِ، وَ أَتْأَقَ الْحِيَاضَ بِمَواتِحِهِ. ثُمَّ جَعَلَهُ لَاانْفِصَامَ لِعُرْوَتِهِ، وَ لَافَكَّ لِحَلْقَتِهِ، وَ لَاانْهِدَامَ لِأَساسِهِ، وَ لَازَوَالَ لِدَعَائِمِهِ، وَ لَاانْقِلَاعَ لِشَجَرَتِهِ، وَ لَا انْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ، وَ لَاعَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ، وَ لَاجَذَّ لِفُرُوعِهِ، وَ لَاضَنْكَ لِطُرُقِهِ، وَلَا وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ، وَ لَاسَوَادَ لِوَضَحِهِ، وَ لَاعِوَجَ لِانْتِصَابِهِ، وَ لَاعَصَلَ فِي عُودِهِ، وَ لَاوَعَثَ لِفَجِّهِ، وَ لَاانْطِفَاءَ لِمَصَابِيحِهِ، وَ لَامَرَارَةَ لِحَلَاوَتِهِ. فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِي الْحَقِّ أَسْنَاخَهَا، وَ ثَبَّتَ لَهَا أَسَاسَهَا، وَ يَنَابِيعُ غَزُرَتْ عُيُونُهَا، وَ مَصَابِيحُ شَبَّتْ نِيرانُهَا؛ وَ مَنَارٌ اقْتَدَى بِها سُفَّارُهَا، وَ أَعْلَامٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا، وَ مَنَاهِلُ رُوِيَ بِهَا وُرَّادُهَا.
جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ مُنْتَهَى رِضْوَانِهِ، وَ ذِرْوَةَ دَعَائِمِهِ، وَ سَنَامَ طَاعَتِهِ؛ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ وَثِيقُ الْأَرْكانِ، رَفِيعُ الْبُنْيَانِ، مُنِيرُ الْبُرْهَانِ، مُضِيءُ النِّيرَانِ، عَزِيزُ السُّلْطَانِ، مُشْرِفُ الْمَنَارِ، مُعْوِذُ الْمَثَارِ. فَشَرِّفُوهُ وَ اتَّبِعُوهُ، وَ أَدُّوا إِلَيْهِ حَقَّهُ، وَضَعُوهُ مَوَاضِعَهُ.
الرسول الأعظم
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله بِالْحَقِّ حِينَ دَنَا مِنَ الدُّنْيَا الْانْقِطَاعُ، وَ أَقْبَلَ مِنَ الْآخِرَةِ الْاطِّلَاعُ، وَ أَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقٍ، وَ قَامَتْ بِأَهْلِهَا عَلَى سَاقٍ، وَ خَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ، وَ أَزِفَ مِنْهَا قِيَادٌ، فِي انْقِطَاعٍ مِنْ مُدَّتِهَا، وَاقْتِرَابٍ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَ تَصَرُّمٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَ انْفِصَامٍ مِنْ حَلْقَتِهَا، وَ انْتِشَارٍ مِنْ سَبَبِهَا، وَ عَفَاءٍ مِنْ أَعْلَامِهَا، وَ تَكَشُّفٍ مِنْ عَوْرَاتِهَا، وَ قِصَرٍ مِنْ طُولِها.
جَعَلَهُ اللَّهُ بَلَاغاً لِرِسَالَتِهِ، وَ كَرَامَةً لِأُمَّتِهِ، وَ رَبِيعاً لِأَهْلِ زَمَانِهِ، وَ رِفْعَةً لأَعْوَانِهِ، وَ شَرَفاً لأَنْصَارِهِ.