أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ! وَ لَاحَمِيَّةٌ تَشْحَذُكُمْ! أَوَ لَيْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِيَةً يَدْعُو الْجُفَاةَ الطَّغَامَ فَيَتَّبِعُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَعُونَةٍ وَ لَا عَطَاءٍ. وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ- وَ أَنْتُمْ تَرِيكَةُ الْإِسْلامِ، وَ بَقِيَّةُ النَّاسِ- إِلَى الْمَعُونَةِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَطَاءِ، فَتَفَرَّقُونَ عَنِّي وَ تَخْتَلِفُونَ عَلَيَّ؟ إِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلَيْكُمْ مِنْ أَمْرِي رِضىً فَتَرْضَوْنَهُ، وَ لَاسُخْطٌ فَتَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، وَ إِنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لَاقٍ إِلَيَّ الْمَوْتُ. قَدْ دَارَسْتُكُمُ الْكِتَابَ، وَ فَاتَحْتُكُمُ الْحِجَاجَ، وَ عَرَّفْتُكُمْ مَا أَنْكَرْتُمْ، وَ سَوَّغْتُكُمْ مَا مَجَجْتُمْ، لَوْ كانَ الْأَعْمَى يَلْحَظُ، أَوِ النَّائِمُ يَسْتَيْقِظُ! وَ أَقْرِبْ بِقَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ قَائِدُهُمْ مُعَاوِيَةُ! وَ مُؤَدِّبُهُمُ ابْنُ النَّابِغَةِ!
و من خطبة له (ع) (181)
و قد أَرسل رجلًا من أصحابه، يعلم له علم أحوال قوم من جند الكوفة، قد هموا باللحاق بالخوارج، و كانوا على خوف منه عليه السلام، فلمّا عاد إليه الرجل قال له:
«أَأَمِنُوا فَقَطَنُوا، أَم جبنوا فَظَعَنُوا؟». فقال الرجل: بل ظَعَنُوا يا أميرالمؤمنين.
فقال عليه السلام:
«بُعْداً لَهُمْ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ»! أَمَا لَوْ أُشْرِعَتِ الْأَسِنَّةُ إِلَيْهِمْ، وَ صُبَّتِ السُّيُوفُ عَلَى هَامَاتِهِمْ. لَقَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا كانَ مِنْهُمْ. إِنَّ الشَّيْطَانَ الْيَوْمَ قَدِ اسْتَفَلَّهُمْ، وَ هُوَ غَداً مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمْ، وَ مُتَخَلٍّ عَنْهُمْ. فَحَسْبُهُمْ بِخُرُوجِهِمْ مِنَ الْهُدَى، وَ ارْتِكاسِهِمْ فِي الضَّلالِ وَ الْعَمَى، وَ صَدِّهِمْ عَنِ الْحَقِّ، وَ جِمَاحِهِمْ فِي التِّيهِ.