وَ إِلَّا فَلا يَأْمَنُ الْهَلَكَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله عَلَماً لِلسَّاعَةِ، وَ مُبَشِّراً بِالْجَنَّةِ، وَ مُنْذِراً بِالْعُقُوبَةِ. خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصاً وَ وَرَدَ الْآخِرَةَ سَلِيماً. لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ، حَتّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، وَ أَجَابَ دَاعِيَ رَبِّهِ. فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللَّهِ عِنْدَنَا حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِهِ سَلَفاً نَتَّبِعُهُ، وَ قَائِداً نَطَأُعَقِبَهُ! وَ اللَّهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتي هذِهِ حَتَّى اسْتَحَيَيْتُ مِنْ رَاقِعِها. وَ لَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ: أَلَا تَنْبِذُهَا عَنْكَ؟ فَقُلْتُ: اغْرُبْ عَنِّي، فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى!
و من خطبة له (ع) (161)
في صفة النبي و أهل بيته و أتباع دينه و فيها يعظ بالتقوى
الرسول و أهله و أتباع دينه
ابْتَعَثَهُ بِالنُّورِ الْمُضِيءِ وَ الْبُرْهَانِ الْجَلِّي، وَ الْمِنْهَاجِ الْبَادِي، وَ الْكِتَابِ الْهَادِي.
أُسْرَتُهُ خَيْرُ أُسْرَةٍ، وَ شَجَرَتُهُ خَيْرُ شَجَرَةٍ. أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ، وَ ثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ. مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَ هِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ. عَلَابِهَا ذِكْرُهُ وَ امْتَدَّ مِنْهَا صَوْتُهُ. أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كافِيَةٍ، وَ مَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ، وَ دَعْوَةٍ مُتَلافِيَةٍ. أَظْهَرَ بِهِ الشَّرَائِعَ الَمجْهُولَةَ، وَ قَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ، وَ بَيَّنَ بِهِ الْأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ. فَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْاسْلامِ دِيناً تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُهُ، وَ تَنْفَصِمْ عُرْوَتُهُ، وَ تَعْظُمْ كَبْوَتُهُ، وَ يَكُنُ مَآبُهُ إِلَى الْحُزْنِ الطَّويلِ وَ الْعَذَابِ الْوَبِيلِ.
وَ أَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ الْإِنَابَةِ إِلَيْهِ. وَ أَسْتَرْشِدُهُ السَّبِيلَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى جَنَّتِهِ، الْقَاصِدَةَ إِلَى مَحَلِّ رَغْبَتِهِ.