اللَّهِ أَنْ يَتَعَظَّمَ، فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ، وَ سَلَامَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ. فَلَا تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الْأَجْرَبِ، وَ الْبَارِي مِنْ ذِي السَّقَمِ. وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ، وَ لَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ، وَ لَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ، حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ. فَالَتمِسُوا ذلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ، فَإِنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ، وَ مَوْتُ الْجَهْلِ. هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ، وَ صَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ، وَ ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ؛ لَايُخَالِفُونَ الدِّينَ وَ لَايَخْتَلِفُونَ فِيهِ؛ فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ، وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ.
و من خطبة له (ع) (148)
في ذكر اهل البصرة
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجُو الْأَمْرَ لَهُ، وَ يَعْطِفُهُ عَلَيْهِ، دُونَ صَاحِبِهِ، لَايَمُتَّانِ إِلَى اللَّهِ بِحَبْلٍ، وَ لَايَمُدَّانِ إِلَيْهِ بِسَبَبٍ. كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَامِلُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ، وَ عَمَّا قَلِيلٍ يُكْشَفُ قِنَاعُهُ بِهِ! وَ اللَّهِ لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ لَيَنْتَزِعَنَّ هذَا نَفْسَ هذَا، وَ لَيَأْتِيَنَّ هذَا عَلَى هذَا. قَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، فَأَيْنَ الُمحْتَسِبُونَ! فَقَدْ سُنَّتْ لَهُمُ السُّنَنُ، وَ قُدِّمَ لَهُمُ الْخَبَرُ. وَ لِكُلِّ ضَلَّةٍ عِلَّةٌ، وَ لِكُلِّ نَاكِثٍ شُبْهَةٌ. وَ اللَّهِ لَاأَكُونُ كَمُسْتَمِعِ اللَّدْمِ، يَسْمَعُ النَّاعِيَ وَ يَحْضُرُ الْبَاكِيَ، ثُمَّ لَايَعْتَبِرُ!