وَ مَكَانُ الْقَيِّمِ بِالْأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ مِنَ الْخَرَزِ يَجْمَعُهُ وَ يَضُمُّهُ: فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ الْخَرَزُ وَ ذَهَبَ، ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِيرِهِ أَبَداً. وَ الْعَرَبُ الْيَوْمَ وَ إِنْ كَانُوا قَلِيلًا، فَهُمْ كَثِيرُونَ بِالْإِسْلَامِ، عَزِيزُونَ بِالاجْتَماعِ! فَكُنْ قُطْباً، وَ اسْتَدِرِ الرَّحَا بِالْعَرَبِ، وَ أَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ مِنْ هذِهِ الْأَرْضِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَ أَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ.
إِنَّ الْأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا: هذَا أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ، فَيَكُونُ ذلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ، وَ طَمَعِهِمْ فِيكَ. فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ الْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ، وَ هُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَهُ. وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ، فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيَما مَضَى بِالْكَثْرَةِ، وَ إِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَ الْمَعُونَةِ!
و من خطبة له (ع) (147)
الغاية من البعثة
فَبَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ، وَ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ، بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وَ أَحْكَمَهُ، لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ، وَ لِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، وَ لِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ. فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ، بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ، وَ خَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَ كَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمَثُلَاتِ، وَ احْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ!