وَ إِنَّ الْكِتَابَ لَمَعِي، مَا فَارَقْتُهُ مُذْ صَحِبْتُهُ: فَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ إِنَّ الْقَتْلَ لَيَدُورُ عَلَى الْآبَاءِ وَ الْأَبْنَاءِ وَ الْإِخْوَانِ وَ القَرَابَاتِ فَمَا نَزْدَادُ عَلَىِ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَ شِدَّةٍ إِلَّا إِيمَاناً، وَ مُضِيّاً عَلَى الحَقِّ، وَ تَسْلِيماً لِلْأَمْرِ، وَ صَبْراً عَلَى مَضَضِ الجِرَاحِ. وَ لكِنَّا إِنَّمَا أَصْبَحْنَا نُقَاتِلُ إِخْوَانَنَا فِي الْإِسْلَامِ عَلَى مَا دَخَلَ فِيهِ مِنَ الزَّيْغِ وَ الاعْوِجَاجِ، وَ الشُّبْهَةِ وَ التَّأْوِيلِ. فَإِذَا طَمِعْنَا فِي خَصْلَةٍ يَلُمُّ اللَّهُ بِهَا شَعَثَنَا، وَ نَتَدَانَى بِهَا إِلَى الْبَقِيَّةِ فِيَما بَيْنَنَا، رَغِبْنَا فِيهَا، وَ أَمْسَكْنَا عَمَّا سِوَاهَا.
و من خطبة له (ع) (123)
قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفِّين
وَ أَيُّ امْرِىً مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رَبَاطَةَ جَأْشٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَ رَأَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِهِ فَشَلًا، فَلْيَذُبَّ عَنْ أَخِيهِ بِفَضْلِ نَجْدَتِهِ الَّتِي فُضِّلَ بِهَا عَلَيْهِ كَمَا يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُ مِثْلَهُ. إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ لَايَفُوتُهُ الْمُقِيمُ، وَ لَايُعْجِزُهُ الْهَارِبُ. إِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ! وَ الَّذِي نَفْسُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِهِ، لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ مِيتَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ!
و منه: وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ تَكِشُّونَ كَشِيشَ الضِّبَابِ: لَا تَأْخُذُونَ حَقَّاً، وَ لَا تَمْنَعُونَ ضَيْماً. قَدْ خُلِّيتُمْ وَ الطَّرِيقَ، فَالنَّجَاةُ لِلْمُقْتَحِمِ، وَ الْهَلَكَةُ لِلْمُتَلَوِّمِ.