وَ اتَّقُوا ناراً حَرُّهَا شَدِيدٌ، وَ قَعْرُهَا بَعِيدٌ، وَ حِلْيَتُهَا حَدِيدٌ، وَ شَرَابُهَا صَدِيدٌ. أَلَا وَ إِنَّ اللّسَانَ الصَّالِحَ يَجْعَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ يُورِثُهُ مَنْ لَا يَحْمَدُهُ.
و من خطبة له (ع) (121)
بعد ليلة الهرير
وقد قام إليه رجل من أصحابه فقال: نهيتنا عن الحكومة ثمّ أمرتنا بها فلم ندر أيّ الْأَمْرَيْنِ أَرْشَدُ؟ فَصَفَّقَ عليه السلام إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ: هذَا جَزَاءُ مَن تَرَكَ الْعُقْدَةَ! أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنِّي حِينَ أَمَرْتُكُمْ بِهِ حَمَلْتُكُمْ عَلَى الْمَكْرُوهِ الَّذِي يَجْعَلُ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً، فَإِنِ اسْتَقَمْتُمْ هَدَيْتُكُمْ، وَ إِنِ اعْوَجَجْتُمْ قَوَّمْتُكُمْ، وَ إِنْ أَبَيْتُمْ تَدَارَكْتُكُمْ، لَكَانَتِ الْوُثْقَى، وَ لكِنْ بِمَنْ وَ إِلَى مَنْ؟ أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِيَ بِكُمْ وَ أَنْتُمْ دَائِي، كَنَاقِشِ الشَّوْكَةِ بِالشَّوْكَةِ، وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ضَلْعَهَا مَعَهَا! اللَّهُّمَّ قَدْ مَلَّتْ أَطِبَّاءُ هذَا الدَّاءِ الدَّوِيِّ، وَ كَلَّتِ النَّزَعَةُ بِأَشْطَانِ الرَّكِيِّ! أَيْنَ الْقَوْمُ الَّذِينَ دُعُوا إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَبِلُوهُ، وَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ، وَ هِيجُوا إِلَى الْجِهَادِ فَوَلِهُوا وَلَهَ اللِّقَاحِ إِلَى أَوْلَادِهَا، وَ سَلَبُوا السُّيُوفَ أَغْمَادَهَا، وَ أَخَذُوا بِأَطْرَافِ الْأَرْضِ زَحْفاً زَحْفاً، وَ صَفَّاً صَفّاً. بَعْضٌ هَلَكَ، وَ بَعْضٌ نَجَا. لَا يُبَشَّرُونَ بِالْأَحْيَاءِ، وَ لَايُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَى.
مُرْهُ الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ، خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّيَامِ، ذُبُلُ الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ، صُفْرُالْأَلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ. عَلَى وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعِينَ. أُولئِكَ إِخْوَانِي الذَّاهِبُونَ.
فَحَقَّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَيْهِمْ، وَ نَعَضَّ الْأَيْدِيَ عَلَى فِرَاقِهِمْ. إِنَّ الشَّيْطَانَ يُسَنِّي لَكُمْ طُرُقَهُ، وَ