وصف اللَّه تعالى
الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَا يَفِرُهُ الْمَنْعُ وَالْجُمُودُ، وَ لَا يُكْدِيهِ الْإِعْطَاءُ وَالْجُودُ؛ إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُنْتَقِصٌ سِوَاهُ، وَ كُلُّ مَانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلَاهُ، وَ هُوَ الْمَنَّانُ بِفَوَائِدِ النِّعَمِ، وَ عَوَائِدِ الْمَزِيدِ وَ الْقِسَمِ، عِيَالُهُ الْخَلَائِقُ، ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ، وَ قَدَّرَ أَقْوَاتَهُمْ، وَ نَهَجَ سَبِيلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْهِ، وَ الطَّالِبِينَ مَا لَدَيْهِ، وَ لَيْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَا لَمْ يُسْأَلْ. الْأَوَّلُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَ الآخِرُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ بَعْدٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ بَعْدَهُ، وَ الرَّادِعُ أَنَاسِيَّ الْأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ، مَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَهْرٌ فَيَخْتَلِفَ مِنْهُ الْحَالُ، وَ لَا كَانَ فِي مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْهِ الْانْتِقَالُ، وَ لَوْ وَهَبَ مَا تَنَفَّسَتْ عَنْهُ مَعَادِنُ الْجِبَالِ، وَ ضَحِكَتْ عَنُه أَصْدَافُ الْبِحَارِ، مِنْ فِلِزّ اللُّجَيْنِ وَ الْعِقْيَانِ، وَ نُثَارَةِ الدُّرّ وَ حَصِيدِ الْمَرْجَانِ، مَا أَثَّرَ ذلِكَ فِي جُودِهِ، وَ لَا أَنْفَدَسَعَةَ مَا عِنْدَهُ، وَ لَكَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخَائِرِ الْأَنْعَامِ مَا لَا تُنْفِدُهُ مَطَالِبُ الْأَنَامِ، لِأَنَّهُ الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَغِيضُهُ سُؤَالُ السَّائِلِينَ وَ لَا يُبْخِلُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحّينَ.
صفاته تعالى بالقرآن
فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ: فَمَا دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتِهِ فَائْتَمَّ بِهِ، وَ اسْتَضِىءْ بِنُورِ هِدَايَتِهِ، وَ مَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ، وَ لَا فِي سُنَّةِ النَّبِيّ صلى الله عليه و آله وَ أَئِمَّةِ الْهُدَى أَثَرُهُ، فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَإِنَّ ذلِكَ مُنْتَهَى حَقّ اللَّهِ عَلَيْكَ. وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ، الْإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلْوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغَيْبِ الَمحْجُوبِ،