responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 77

1. في الخطوة الأولى بعد أن ذكر الله نعمه يقول: (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِقَوْم يَعْقِلُونَ‌ (1).

ففي هذه الآية الكريمة جعل الله عزّ وجلّ الرزق الحسن مقابل المسكرات، وهذه أوّل إشارة إلى أنّ الخمر مخالف للقيم، وأدرك الناس من هذه المقارنة أنّ الخمر ليست من الرزق الحسن، وأنّ استعماله لا يتناسب مع ذلك.

2. الآية (43) من سورة النساء تذكر الخطوة الثانية للتحريم التدريجي للخمر حيث يقول تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ‌.

اعتبرت الآية الكريمة شرب الخمر مناقضاً للصلاة، ولم تسمح للمسلمين في صدر الإسلام أن يقوموا إلى الصلاة سكارى، وفي هذا إشارة ضمنية إلى أن شرب الخمر والسكر لا يتناسب مع العقل والفهم، وأمّا النقطة الثالثة التي يمكن أن تستفاد من هذه الآية أنّ الصلاة ليست ألفاظاً فقط، بل إنّ روح الصلاة تكمن في حضور القلب (2)، وبما أنّ السكران لا يتمتع بحضور القلب ولا يفهم ما يقول، لذا أمر الله عزّ وجلّ ألّا تقام الصلاة في حال السكر.

3. الآية (216) من سورة البقرة يعني هذه الآية التي نبحث فيها هي المرحلة الثالثة من مراحل التبيين التدريجي لحرمة شرب الخمر، إذ كما ورد في الآية الشريفة، فإنّ الخمر معصية كبرى وإن تدرّ عند بعض الأشخاص منافع وأرباح أثناء بيعه وشرائه، ولكن عندما تتم مقارنة تلك الأرباح والمكاسب بالأضرار الناجمة عن الخمر وشربه فإنّها أكبر بكثير، لذا تم التعامل في هذه الآية بشدّة أكثر مع شرب الخمر حيث عُبّر عنه بالإثم الكبير.

4. إنّ المرحلة الأخيرة لتبيين حرمة شرب الخمر تمثَّل بالتصريح بذلك في الآيتين (90- 91) حيث يقول تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ‌ ففي هذه الآية الشريفة استخدمت عشرة أنواع من التأكيد لتحريم شرب الخمر هي:

1. إنّ الآية الشريفة هي خطاب للمؤمنين ومعنى ذلك أنّ الإيمان يتناقض مع شرب الخمر ومن يشرب الخمر ليس مؤمناً، كما أنّ المؤمن لا يشرب الخمر.

2. جعل الخمر في مصافي الآثام الواضحة والمسلّمة مثل: القمار، والميسر، وعبادة الأصنام، وفي هذا تأكيد على حرمة شرب الخمر وقد وردت في الرواية

ش- ارِبُ الخَمرِ كَع- ابِدِ وَثَن‌

(3).

3. إنّ وصف الخمر بالرجس هو تأكيد آخر على حرمته.

4. إنّ وصف شرب الخمر بعمل الشيطان دليل على قبح هذا العمل.

5. عبارة (فَاجْتَنِبُوهُ) فيه تصريح واضح بالأمر بترك شرب الخمر، بل تصريح آخر على حرمة هذا العمل القبيح.

6. جملة (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، حيث جعل الفلاح في ظل ترك شرب الخمر، فيه تأكيد سادس على حرمة شربه.

7. إنّ هدف الشيطان من شرب الخمر إيجاد العداوة والبغضاء بين المسلمين، وكل ما يستخدم وسيلة وسلاحاً للشيطان لإيجاد العداوة والبغضاء بين الناس حرام، وفي هذا تأكيد هام على حرمة شرب الخمر.

8. إنّ جملة (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) تأكيد آخر على مدَّعانا، إذ كل ما هو مادة لنسيان ذكر الله والصدّ عنه لا يمكن أن يكون محلّلًا ومباحاً.

9. إنّ الخمر بالإضافة إلى المفاسد المذكورة أعلاه يردع الإنسان عن الصلاة وهذا التأكيد السابع موجود في الآية أيضاً.

10. الجملة الأخيرة (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) هي التأكيد العاشر الموجود في الآية على حرمة الخمر وذلك بالقول: ألا تكفي تلك المفاسد المذكورة في الخمر لردعكم عن التلوث به.

إنّ هذه الآية الكريمة هي أمر واضح وصريح في بيان حرمة شرب الخمر، كما أنّها تشمل على الفلسفة المادية والمعنوية لتحريمه.

وبالتالي فإنّ الإسلام استخدم البرنامج التدريجي في بيان الأحكام وتبييناً لحرمة شرب الخمر ضمن أربع مراحل، وفي المرحلة الأخيرة منها ذكر التحريم بصورة صريحة وواضحة.

1. سورة النحل، الآية 67.

2. يوجد طرق عديدة لتحصيل حضور القلب، يمكن الإشارة إلى بعضها: معرفة الله، إدراك معاني الصلاة، إعطاء أهميّة للصلاة، وإبعاد عوامل الشرود الذهني، تجنب المعصية، الممارسة والتمرين، ولمزيد من الاطلاع انظر: التفسير الأمثل ج 8، في أوائل سورة المؤمنون.

3. بحار الأنوار، ج 47، ص 217 و ج 77، ص 47.

نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست