responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 75

ثالثاً: على المقاتلين ألّا يخونوا أعداءهم أيضاً، لا زملاءهم فحسب متصرّفين‌

معهم بمروءة وكرامة، ويقاتلونهم ببطولة وشجاعة.

(وَلا تمثِّلُوا): أي بعد انتصاركم على أعدائكم، لا تمثّلوا بأجسادهم، بل وردت روايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله ينهى عن المثلة حتى بالكلب العقور (1).

ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (وَلا تَغدُرُوا) فإن قمتم بالصلح مع العدو أو وقّعتم معه هدنة احترموا ما تعاهدتم عليه، ولا تضعوه تحت أرجلكم، أو تستخفوا به، فالمسلم الحقيقي من يفي بعهوده ومواثيقه حتى مع أعدائه، ولذلك فقد كتب الإمام علي في عهده إلى مالك الأشتر (رحمه الله) كتاباً فيه ما يلي:

وَإِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ، وَارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْامَانَةِ، وَاجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ شَيْ‌ءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتَماعاً، مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَتَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ

(2).

ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وآله:

وَلا تَقْتُلُوا شَيخاً فَانِياً وَلا صَبيّاً وَلا امرَأةً، وَلا تَقْطَعُوا شَجراً إلّا أنْ تَضطَرُوا إِلَيها

، إنّ الإنسان حينما يلاحظ تلك القوانين الراقية والتوجيهات العالية، يدرك عظمة الإسلام وسعة رحمته، إذ في مركز العنف في القتال، يشمل في رحمته الأشجار، فيأمر رسول الله صلى الله عليه وآله رسول الرحمة والإنسانية جنوده ألا يقطعوا شجرة أثناء القتال ويحترموا البيئة، حتى في تلك الظروف إلّا أن تكون تلك الشجرة والأشجار عقبة أمام تقدّم جنود الإسلام ومقاتلي القرآن، عندئذ لا مانع من قطعها من باب الضرورة وذلك بالمقدار الذي تقتضيه.

أمّا التعليمات الأخرى للرسول صلى الله عليه وآله فهي تشير إلى عظمة الرأفة والرحمة التي يدعو إليها في ميدان القتال حيث يقول:

وَأيَّما رَجُل مِنْ أَدنى المُسْلِمِينَ وَأَفضَلَهُم نَظَرَ إِلى أَحدِ المُشرِكِينَ فَهُو ج- ار حَتّى‌

يَسمَعَ كَلامَ اللهِ، فَإنْ تَبِعَكُم فَأخوكُم فِي الدِّينِ فإنْ أِبى فَأبِلِغُوهُ مَأمَنَهُ‌

(3).

فإذا قام أحد الجنود المسلمين سواء كان من القيادات العليا او من الدرجات الأدنى، بإعطاء الأمان لأحد الأعداء فإنّ ذلك العدو في أمان، ويجب أن ينقل إلى خلف خطوط الجبهة ويعرض عليه بكل صبر وأناة وسعة صدر وأسلوب رحيم معارف الإسلام وتعليماته وأحكامه، فإذا قبل الإسلام فهو يعتبر كسائر المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، وإن لم يقبل الإسلام أو أراد مهلة للتفكير حول تعاليم الإسلام فيجب إرجاعه إلى بلده سالماً غانماً، ولا يحقّ لأحد أن يؤذيه أو يعذبه، طبعاً إنّ تنفيذ مثل هذه التعليمات ليست من الأمور السهلة إذ تتطلب سعة صدر وإيماناً قوياً راسخاً، ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله في ختام كلامه جنوده أن يستمدوا القدرة والمساعدة والعون من الله عزّ وجلّ لتنفيذ هذه التعليمات والمهامّ التي تمثّل قمة الرأفة والرحمة الإسلاميّة.

فهل يراعي عالم اليوم الذي يصمّ الآذان حول ضرورة مراعاة حقوق الإنسان ويطرح شعاراتها مثل الأمور المذكورة أعلاه في ميدان القتال؟ وقد شهدنا في الحرب التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين أنّه لم تتم مراعاة تلك الأمور فحسب، بل إنّ هؤلاء المجرمين القساة قاموا بتدمير بيوت الفلسطينيين ومستشفياتهم على رؤوس من كانوا فيها، وأحرقوا مزارعهم، وقضوا على أشجارهم، ولم يرحموا صغيرهم ولا كبيرهم أو عجوزهم، أو شبّانهم ومع ذلك فإنّهم يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان ويتهموننا بالعنف وإشعال الحروب!.

1. بحار الأنوار، ج 42، ص 246- 257.

2. نهج البلاغة، الكتاب 53.

3. وسائل الشيعة، ج 11، ص 43.

نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست