responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 182

دون إعداد الإمكانات اللازمة له، لذا وهب الله عزّ وجلّ لذي القرنين أسباب تقدمه وانتصاره يقول تعالى: وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ‌ء سَبَباً وقد استفاد ذو القرنين من هذه الأسباب بشكل جيد، يقول تعالى: فَأَتْبَعَ سَبَباً لذا فإنّ من يتوقع النصر بدون إعداد الإمكانات والأسباب اللازمة له، لن ينتصر حتى لو كان ذا القرنين نفسه.

2. إنّ غروب الشمس في العين الآسنة، كما وردت في الآيات التي تحكي قصّة ذي القرنين، وإن كان انخداعاً بصرياً، فإنّه يدلّ على أنّ من الممكن للشمس العظيمة أن تغطّى بواسطة عين آسنة موحلة، كما أنّ الإنسان العظيم والشخصية عالية المقام يمكن أن تسقط سقوطاً كلياً على أثر زلة صغيرة، آفلة في مشاهد الغروب.

3. لا يمكن لأية دولة أن تنتصر بدون أن تقوم بالخطوات اللازمة لتشجيع من يقومون بخدمتها ومعاقبة من يخطئون بحقها، وهذا هو الأصل الذي استفاد منه ذو القرنين، وفي هذا المعنى قال علي عليه السلامفي عهده المعروف لمالك الأشتر الذي يعتبر دستور عمل جامع لإدارة الدول:

وَلَا يَكُونَنَّ الُمحْسِنُ وَالْمُسِي‌ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَة سَوَاء، فَإِنَّ فِي ذلِكَ تَزْهِيداً لِاهْلِ الْاحْسَانِ فِي الْاحْسَانِ، وَتَدْرِيباً لِاهْلِ الْاسَاءَةِ عَلَى الْاسَاءَةِ! وَأَلْزِمْ كُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ‌

(1).

4. إنّ التكليف بما لا يطاق لا يناسب أبداً حكومة العدل الإلهي، لذا فإنّ ذي القرنين بعد أن صرّح بأنّه سوف يعاقب الظالمين ويكافئ المحسنين فإنّه اقترح عليهم برنامجاً سهلًا ميَّسراً يستطيعون تطبيقه بدافع من الرغبة والشوق والمحبّة، فقال: (وسنقول له من أمرنا يسراً).

5. لا يمكن لدولة واسعة أن تغض الطرف عن التنوع الموجود بين مكوناتها القومية والاختلافات في طرق الحياة والظروف التي يمرون بها، ولهذا فإنّ ذا القرنين الذي كان صاحب حكومة إلهية، أثناء تعامله مع الأقوام المختلفة ممن يتمتعون‌

بطرق عيش مخصوصة، كان يتصرّف معهم بما يتناسب مع أحوالهم وظروفهم، واستطاع بذلك أن يحويهم جميعاً ويستوعبهم.

6. إنّ ذا القرنين لم يستخفّ بقوم وصفهم القرآن الكريم بقوله: لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا، بل عمل بكل وسيلة ممكنة أن يستمع إلى حاجاتهم ومطالبهم ليرفعها، واستطاع نتيجة ذلك أن يبني بينهم وبين أعدائهم الأشداء سداً محكماً، مع أنّه كان من الممكن له أن يعتبر مثل هؤلاء الأقوام المتخلّفين عالة على أية دولة، إلّا أنّه عمل على إصلاح أمورهم وشؤونهم بدون أن يتوقع منهم مقابلًا، ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلاميقول:

إسماعُ الأَصمِّ مِنْ غَيرِ تَضجُّر صَدقةً هَنيئَةً

(2).

7. الأمن أوّل وأهم شرط للحياة الاجتماعية السليمة، ولهذا عمل ذو القرنين على توفير هذا الأمر للقوم الذين كانوا عرضة للتهديد، وتحمل القيام بأكثر الأعمال صعوبة ومشقة عبر إنشاء واحد من أقوى السدود لردع المفسدين فأصبح مضرب المثل في التاريخ ورمزاً للاستحكام والدوام والبقاء حيث يقال: (سدّ مثل سد الاسكندر) (وإن كان الاسكندر غير ذي القرنين؟).

فإذا لم يتمّ الوقوف أمام المفسدين بحزم من خلال السدود القوية المحكمة فلا يمكن للمجتمع أن ينال السعادة، لذا كان أول طلب لإبراهيم عليه السلاممن الله عزّ وجلّ أثناء بناء الكعبة نعمة الأمن لتلك البقعة المباركة فقال: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً (3)، ولهذا وضع الفقه الإسلامي أشد العقوبات لأولئك الأشخاص الذين يعرضون أمن المجتمع للخطر (4).

8. إنّ الدرس الآخر الذي يمكن أن يتعلَّمه الإنسان من هذه الحادثة التاريخية أن من يتعرضون للمصائب والمشاكل يجب أن يساهموا في رفعها بأنفسهم، لذا عندما

شكا مجموعة من القوم إلى ذي القرنين حملات الأقوام البربرية الوحشية، فإنّ أوّل ما أمر به أن يحضروا قطع الحديد، ثم أمرهم أن ينقخوا النار في أطراف السد، ليلتحم بعضه ببعض، ومن ثم أمرهم أن يعدّوا النحاس المذاب لتغطية ذلك الحديد بطبقة منه.

نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست