responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 599

الأصليّ لوضع القوانين في نظر هذا المذهب هو أصل العدالة، وعليه فينبغي على المقنّن أن يزن كلّ قانون بهذا المعيار والميزان لتقنينه، ولكنّ المشكلة هنا هي أنّ مذهب الحقوق الفطرية لا يملك تعريفاً ثابتاً وواحداً لمفهوم العدالة، مضافاً إلى أنّ تشخيص مصاديق العدالة بدوره ليس بالأمر اليسير في جميع الموارد.

والنتيجة المهمّة التي تترتّب على تأصيل هذا المذهب للعدالة بعنوان أنّه المبنى‌ الأصليّ للحقوق، هي الاعتراف بمشروعية التصدّي للقوانين التي تتقاطع مع المبنى الأصل، أي العدالة، ولا تتحرّك في هذا الاتّجاه.

وعلى هذا الأساس ورد في لائحة حقوق الإنسان الفرنسية (عام 1789) وفي بعض الموارد من القانون الأساسيّ الفرنسي (عام 1793) في المادة 33 و 34، الإقرار بحقّ المقاومة والثورة باعتباره أحد أقدس الحقوق البشرية. ومعلوم أنّ حقّ المقاومة والتصدّي للقرارات الظالمة وبسبب أنّ هذا الحقّ وبذاته ناشى‌ء من أصل العدالة، فإنّه لا يمكن أن يكون ناقضاً لهذا الأصل، وعليه يثار هذا السؤال: ما هي الطريقة العادلة في عملية التصدّي للقوانين غير العادلة وكيفية مقاومتها؟

إنّ أتباع مدرسة الحقوق الفطرية غير متّفقين في هذا المجال، بل إنّ بعضهم مثل الفيلسوف الألماني الكبير (كانت) يرى عدم جواز مواجهة أفراد المجتمع للقوانين غير العادلة بسبب التداعيات السلبية والفوضى التي تترتّب على ذلك‌ [1].

إنّ الاختلاف ناشى‌ء من أنّ مفهوم العدالة يتّسم بالكلية، وبالتالي صعوبة تشخيص مقتضيات هذا المفهوم وخاصّة الموارد التي لها أبعاد مختلفة، ولابدّ من النظر للمصالح في جهات مختلفة. ومعلوم أنّ أكثر الموضوعات التي تحتاج لوضع قانون هي من هذا القبيل، وعلى هذا الأساس فإنّ مدرسة الحقوق الفطرية تواجه مشكلة جدّية في عملية تشخيص مقتضيات العدالة في تلك الموارد، وهذه المشكلة تدلّ على أنّ أدوات العقل البشري قاصرة عن الإحاطة بمصاديق العدالة في الكثير من الموارد، لأنّ القيم الأخلاقية والعدالة مثلًا، تتسّم بالكلية والشمولية بحيث أنّها في مقام العمل لا يمكن أن ترسم لنا طريق الحلّ في جميع الموارد، لأنّ وجوب إحقاق الحقّ وإقامة العدل لا يقول لنا ما هو هذا الحقّ وعلى أيّ عوامل يعتمد في طبيعته؟ [2]

إنّ الالتفات إلى هذه المشكلة أدّى‌ إلى توجيه النقد لأصول نظرية الحقوق الفطرية، بحيث أنّ الفيلسوف والرياضي الفرنسي باسكال، يقول في هذا المورد: ليس هنا اتّفاق في الرأي على معنى العدالة بين أفراد المجتمع، ولذلك فالأقرب للعقل أنّ نهتمّ بدراسات القواعد الموجودة الواقعية، بدلًا من الاهتمام بالحقوق العامة والثابتة التي لا تقبل التغيير.

وبالطبع فهناك إشكالات أخرى واردة على مذهب الحقوق الفطرية بحيث أدّت في مجموعها إلى تعبيد الطريق لظهور مدارس أخرى في الحقوق، كالمدرسة التاريخية والوضعية وتوجّه المفكّرين وعلماء الحقوق نحو هذه المدارس‌ [3].


[1]. الحقوق المدنية، تأليف مارتي ورينو، ج 1، العدد 13، نقلًا عن كليّات الحقوق، ص 59 (بالفارسيّة).

[2]. ومن هنا يعرف سرّ حاجة الإنسان إلى الوحي والتعاليم الإلهيّة.

[3]. للمزيد من الاطلاع على الإشكالات الواردة على مذهب الحقوق الفطرية انظر: مقدمة الحقوق الإسلامية، ج 2، ص 104- 109 (بالفارسيّة).

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 599
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست