responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 373

تكون أصلًا لكلّ كفر في الأرض» [1].

والملفت أنّ «ابن حزم» لم يكتف بهذا المقدار من التشدّد بل نسب في مكان آخر من كتابه، القول بعدم وجود الغاية في الأفعال والأحكام الإلهيّة إلى جميع الصحابة والتابعين، بل حتّى تابعي التابعين، وذكر أنّ القول بوجود علّة للأحكام الإلهية مجرّد افتراء وادّعاء بدون دليل، ونسب ذلك إلى القائلين بحجّية القياس‌ [2].

2. ويقول «الشيخ عليّ» المعروف ب «القوشچي» (م 879) وهو من علماء أهل السنّة المعروفين، وأحد شرّاح كتاب‌ «تجريد الاعتقاد» «للخواجة نصيرالدين الطوسي» بالنسبة لبعض عقائد الأشاعرة، ما يلي:

«والخلاف في أنّ: هل أنّ أفعال اللَّه معلّلة بالأغراض أم لا؟ ذهب الأشاعرة إلى عدم جواز القول بتعليل الأفعال الإلهية بالأغراض، وإلّا لزم منه أن يكون اللَّه ناقصاً في ذاته ويريد إكمال هذا النقص بوسيلة ذلك الغرض». [3] (هذا مع الغفلة عن أنّ جميع الذين يقولون بالهدفية لأفعال اللَّه تعالى يقولون بأنّ الهدف يعود لمصلحة البشر).

أدلّة المنكرين للهدفية:

أ) الدليل النقلي‌

إنّ أهم دليل نقليّ لمنكري الهدفية في أفعال اللَّه تعالى وعلى رأسهم ابن حزم (م 456) ما ورد في الآية 23 من سورة الأنبياء: «لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْأَلُونَ».

ويقول ابن حزم في استدلاله بهذه الآية الشريفة:

«وقد قال اللَّه تعالى‌ واصفاً لنفسه: (لايسأل ...) فأخبر تعالى بالفرق بيننا وبينه، وأنّ أفعاله لايجزئ فيها لم؟».

وعلى هذه الأساس فإنّ مسألة الأسباب والتعليل في أفعال اللَّه باطلة إلّاأن يصرّح اللَّه بنفسه ويقول:

«إنّه فَعَلَ أمر كذا لأجل كذا».

ثمّ يضيف: وهذا أيضاً ممّا لا يسأل عنه فلا يحلّ لأحد أن يقول: لِم كان هذا السبب لهذا الحكم ولم يكن لغيره؟ ولا أن يقول لِم جعل هذا الشي‌ء سبباً دون أن يكون غيره سبباً أيضاً لأنّ من سأل هذا السؤال فقد عصى اللَّه عزّوجلّ، وألحد في الدين وخالف قوله تعالى:

«لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ»

. فمن سأل عمّا يفعل فهو فاسق، فوجب أن تكون العلة «يعني تعليل الأحكام» كلها منفية عن اللَّه تعالى ضرورة» [4].

المناقشة:

إنّ «ابن حزم» يتحدّث في استدلاله هذا بلغة المغالطة، وقد تورّط في تفسير معنى الآية المذكورة والآيات المشابهة لها في عملية تحريف معنويّ وخلط بين السؤال الموضوعي عن أسرار وعلل الأحكام الشرعية من أجل فهمها واستيعابها من موقع الفحص عن الحقيقة، مع السؤال عن فعل من أفعال اللَّه أو قول من أقواله وحكم من أحكامه من موقع الاعتراض والسخرية والاستهزاء (نظير ما ورد في سؤال الكافرين في الآية 31 من سورة المدّثر) «مَاذَآ أَرَادَ اللَّهُ بِهذَا مَثَلًا»).

في حين يوجد فرق واضح بينهما، لأنّ السؤال‌


[1]. الإحكام في أصول الأحكام، ج 8، ص 580.

[2]. المصدر السابق، ص 562.

[3]. شرح تجريد الاعتقاد، ص 443.

[4]. الإحكام في أصول الأحكام، ج 8، ص 565 و 566.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست