وأحد القواعد الفقهية المعروفة «قاعدة اليد»، والمراد منها أنّ استيلاء الشخص
على شيء معيّن دليل على مالكيته لذلك الشيء، وهذه القاعدة ثابتة في الأصل
بالإجماع وسيرة العقلاء والروايات المختلفة، ولكن هناك خلاف في بعض تفصيلاتها
وشروطها، فذهب بعض الفقهاء إلى أنّ مجرّد «اليد» تكفي في إثبات مالكية ذياليد على
الشيء، ولا يشترطون تصرّفه في ذلك الشيء، وقد ذهب إلى هذا القول الكثير من فقهاء
الإمامية [1] وبعض
فقهاء الحنفية [2].
ويعتقد البعض أيضاً بلزوم التصرّف ولو لمدّة قصيرة، وهذا قول جماعة آخرين من
فقهاء الحنفية [3].
واشترط آخرون لزوم التصرّف لمدّة طويلة، وهؤلاء هم فقهاء المذهب الشافعي، ونسب
هذا القول إلى مالك أيضاً.
3. قاعدة ضمان اليد
المراد من هذه القاعدة هو ما قرّره الحديث النبويّ المعروف
وهذه القاعدة مقبولة لدى جميع فقهاء الإماميّة وجمع من فقهاء أهل السنّة
كفقهاء المذهب الشافعي [5] ولكنّ أباحنيفة لا يرى الغاصب ضامناً لمنافع العين المغصوبة بأيّ وجه، ويقول:
نظراً إلى أنّ الغاصب ضامن للعين فهو غير ضامن لمنافعها. والمراد من قاعدة الخراج
بالضمان هو هذا المعنى [6]. وبالطبع فإنّ قاعدة الخراج بالضمان ليست مقبولة لدى أكثر الفقهاء، وكذلك فهي
مخالفة لسيرة العقلاء لأنّهم يرون أنّ الغاصب كما أنّه ضامن للعين فهو ضامن
لمنافعها.
العامل الحادي عشر: الإختلاف في دائرة حجية العقل
إنّ أكثر فقهاء الإسلام سواءً من الإمامية أو من أهل السنّة، يرون العقل أحد
الأدلّة الأربعة في عملية استنباط الحكم الشرعيّ وهي (الكتاب، السنّة، الإجماع،
والعقل). رغم أنّ فقهاء أهل السنّة يدرجون دليل العقل غالباً ضمن عنصر القياس
والاستحسان والمصالح المرسلة وفتح وسدّ الذرائع لا بعنوان دليل «العقل» وإن ذكر
البعض منهم كالغزالي في «المستصفى» دليل العقل بعنوانه الدليل الرابع للاستنباط حيث قال:
وبديهيّ أنّ دليل العقل يظهر تارة بشكل المستقلّات العقليّة والبديهيّات (مثل
حسن الإحسان وقبح الظلم) وتارة أخرى بشكل نظريّ، وهو بدوره ينقسم إلى قسمين:
النظريّ القطعيّ (مثل وجوب مقدّمة الواجب) والنظري الظنيّ (مثل القياس).
ورغم أنّ الأخباريين يقبلون دليل العقل في دائرة
[1]. وسيلة الوسائل للسيد محمّد باقر
اليزدي، (اواخر الإستصحاب، ملحقات العروة)، ج 2، ص 130.
[2]. البحر الرائق لابن نجيم، ج 7، ص
82؛ الاختيار للموصلي، ج 2، ص 144؛ تبيين الحقائق للزيلعي، ج 4، ص 216 وجامع
الرموز للقهستاني، ج 2، ص 238.