يستوحونه من الآية الشريفة:
«وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ
بِالْعَيْنِ ...» [1]. بتساوي الرجل والمرأة في القصاص حيث كان هذا الحكم
مذكوراً في شريعة اليهود وبالإمكان سريانه إلى الشريعة الإسلامية لأنّه لم يرد منع
من ذلك من القرآن والسنّة [2].
وأمّا فقهاء الإماميّة وكذلك عطاء وعثمان البستيوأحمد و الحسن البصري (على
رواية) قالوا:
بلزوم دفع نصف الدية من قِبل أولياء دم المقتولة إلى أولياء القاتل، لأنّ
شريعة اليهود لا تعتبر حجّة على المسلمين في مورد وجود الناسخ، بل إنّ رواية الإمام
عليّ عليه السلام في هذا المورد هي الحجّة [3] حيث قال:
«ومن الناسخ ما كان مثبتاً في التوراة
من الفرائض فى القصاص وهو قوله تعالى
وكذلك ما ورد في الحديث الصحيح عن عبداللَّه بن سنان عن الإمام الصادق عليه
السلام أنّه قال:
«إن شاء أهلها أن يقتلوه قتلوه
ويؤدّوا إلى أهله نصف الدّية وإن شاءوا أخذوا نصف الدّية خمسة آلاف درهم» [5].
ب) إجبار الشريك على التوقيت
إنّ أحد الطرق للاستفادة المشتركة من مال معيّن لشريكين هو «توقيت الاستفادة»
بأن ينتفع كلّ شريك من ذلك المال بوقت معيّن، ثمّ يأتي دور الثاني، ولكن هل يتمكّن
أحد الشريكين إجبار الشريك الآخر بقبول هذه الطريقة، وبالتالي تعيين وقت محدّد
لكلّ واحد منهما للاستفادة من العين؟
ذهب بعض فقهاء الإماميّة، والشافعيّة، والمالكيّة والحنبليّة [6] إلى الجواز،
لأنّ الوارد في شريعة اليهود جواز ذلك مثل
«لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ»[7]. و «وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ
قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ»[8].
ولكن مع ملاحظة أنّ أكثر فقهاء الإمامية لا يرون حجّية استصحاب الشرائع
السابقة، فلا طريق أمامنا سوى قبول المصالحة واتّفاق الطرفين.
***
ومع ملاحظة ما تقدّم آنفاً في بيان
منابع اختلاف الفتوى، من جهة منابع الاستنباط، يتبيّن وجود اختلاف ونقاش في حجّية
وعدم حجّية الكثير من هذه المنابع، وطبعاً فإنّ هذا الاختلاف يمكن أن يعود إلى
الاختلاف في مباني الحجّية أيضاً، ومن الواضح أنّ أحد العوامل المهمّة اختلاف ينشأ
من الاختلاف في هذه المنابع والمباني للاستنباط، فكلّ فقيه يقول بحجّية كلّ واحدٍ
من هذه المباني، يختلف بالتالي في طريقة استنباطه مع الأشخاص الذين لم يقبلوا هذه
المباني، والفقهاء الذين لايختلفون في هذه المباني نراهم يملكون منهجاً واحداً في عملية
الاستنباط.