responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 261

وضع كلا الحكمين. الأوّلي والثانوي، وهذان الحكمان ثابتان في كل واحد في مجاله الخاصّ، وتغيير الظروف وحالات المكلّفين لا يعني تغيير الأحكام نفسها.

وبالطبع فإنّ العناوين الثانوية لا تنحصر بحالة الاضطرار، وما تقدّم آنفاً كان على سبيل المثال.

ج) ترجيح بعض الأحكام على البعض الآخر (قاعدة الأهمّ والمهم)

ربّما يوجد حكم معيّن في زمان أو مكان خاص، ولكن مع مرور الزمان أو تغيّر المكان يعرض عنوان يؤدّي إلى تغيير الحكم.

ونلاحظ في المثال المعروف «تحريم التبغ» في فتوى الفقيه الكبير الميرزا الشيرازي أنّ التدخين واستعمال التبغ في الظروف العادية كان مباحاً في نظر هذا الفقيه الكبير، ولكن عندما وقعت تجارة التبغ بيد الشركة البريطانية، وكان ذلك مقدّمة للسيطرة الاقتصادية على البلاد الإسلامية، فإنّ الحكم بالحلّية أخذ يتقاطع مع وجوب حفظ الاستقلال الاقتصادي للبلدان الإسلامية، وتبدّل ذلك الحكم إلى الحرمة.

وبمرور الزمان وبسبب إطاعة الناس لحكم ذلك الفقيه وترحيبهم العظيم بهذه الفتوى، فإنّ الشركة البريطانية والحكومة الإيرانية في ذلك الوقت اضطرّتا إلى فسخ العقد، وفي ظلّ هذه الظروف الجديدة فإنّ ذلك الفقيه نفسه حكم بالإباحة والجواز، ففي الواقع أنّ عناوين أهمّ قد ظهرت إلى حيزّ الوجود بتغيّر الزمان أو المكان ودفعت بالعناوين المهمّة إلى الظلّ، وبهذا تمّ العمل بالحكم الأهم.

وكذلك الحال في الظروف الحالية التي تسعى فيها أمريكا بجميع قدراتها لحماية اسرائيل والعدوان على البلاد الإسلامية، فإنّ الكثير من فقهاء الإسلام حكموا بتحريم بيع وشراء المنتوجات الأمريكية، لوجود هدف أهم، ممّا يجعل العنوان الأوّلي للاباحة ينزوي إلى الظلّ ليحلّ محلّه الحكم بالأهمّ، ولو عادت الأمور إلى مجاريها فيمكن أن يتغيّر هذا الحكم بتغيّر الظروف.

3. تأثير الزمان والمكان في مصالح ومفاسد الأحكام‌

من المعلوم أنّ الأحكام، وعلى أساس ما ذهب إليه المحقّقون من الإمامية وأهل السنّة، تابعة للمصالح والمفاسد، فالخمر إنّما صار حراماً لأنّه رجس وعمل شيطانيّ ويؤدّي إلى العداوة والبغضاء بين الناس، ويصدّ عن الصلاة وذكر اللَّه، لأنّه يزيل العقل، وزوال العقل تتبعه هذه الظواهر والمعطيات، وهكذا بالنسبة للقمار بالآلات الخاصّة به.

والآن لو فرضنا وجود موضوع الحكم الشرعيّ في بعض الموارد، ولكنّ المصلحة أو المفسدة قد تغيّرت بمرور الزمان أو بتغيّر المكان، فمن الطبيعي أن يتغيّر ذلك الحكم أيضاً، لأنّه كان يترتّب على ذلك الموضوع مع اقترانه بالمصالح والمفاسد لذلك المحلّ، فإذا زال هذا الوصف، فإنّ موضوع الحكم أيضاً سيزول. مثلًا كان الفقهاء في الأزمنة القديمة يفتون بتحريم بيع وشراء دم الإنسان والحيوان، لأنّه لا توجد أيّ مصلحة من ذلك بل تترتّب عليه مفاسد معنوية ومادية كثيرة، ولكن في هذا العصر ومع مرور الزمان فإنّ الدم يعدّ عامل نجاة البشر، والكثير من الناس من المجروحين ومن يخضعون لعملية جراحية بحاجة شديدة إلى الدم‌

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 261
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست