حفظ كيان الإسلام والمسلمين، أو وجوب حفظ عزّة الإسلام والمسلمين) أو (وجوب
منع استيلاء الكفّار على المسلمين) أي أنّه تحرّك في ضوء العمل بهذه العناوين
وأصدر فتواه بحرمة التدخين؟ أو عندما يحكم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله
بعنوانه وليّ أمر المسلمين بوجوب بذل فضل الماء والكلأ، أليس ذلك من أجل حفظ كيان
المسلمين الذي يقوم على أساس تنمية القطاع الزراعيّ والحيوانيّ، وأنّ حاجة
المسلمين تقتضي ذلك؟ (كما أنّ الشهيد الصدر نفسه يقول:
«لأنّ مجتمع المدينة كان بحاجة شديدة إلى إنماء الثروة الزراعيّة والحيوانية
...» [1])
؟ إذا كان الأمر كذلك، فلا معنى لكلمة «الفراغ» في هذه الموارد، لأنّ وليّ
الأمر عندما يصدر حكماً من الأحكام على أساس (تشخيص مصلحة الأهمّ) فإنّه يتحرّك من
موقع تقديم الحكم الثانويّ على الحكم الأوّلي.
4. يتبيّن ممّا تقدّم أنّ منطقة الفراغ لم تحقّق عنصر الاستيعاب والشمول للشريعة،
بل إنّ ما يحقّق الشمول والاستيعاب لها هو الإذن الذي منحه العقل والشرع للحاكم
الإسلاميّ في الاستفادة من العناوين الثانوية كقاعدة الأهمّ والمهمّ لرفع المشاكل
الفردية والاجتماعية، وكسر الطوق عن تعقيدات هذه المسائل، وعليه، فإنّ وظيفة وليّ
الأمر، تشخيص وتعيين المصداق للعناوين الأوّلية (سواء كانت من الأحكام الإلزامية
أو غير الإلزامية) وتشخيص عناوين الأحكام الثانوية وعدم عروضها على الموضوعات [2].
[2]. ومن الابهامات الأخرى في نظرية
الشهيد الصدر هي لماذا حصر مسألة منطقة الفراغ في المسائل الاقتصادية في الإسلام
دون غيرها؟ وإن استفيد من ظاهر بعض عباراته العموم (اقتصادنا، ص 689).