responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 213

حيث عبّر عنها في بعض كتاباته ب «الميادين الحرّة للتقنين» وفي بعض آخر «منطقة الفراغ من التشريعات الثابتة وغير القابلة للتغيير» ومع الالتفات إلى القرائن الموجودة في مجمل كلمات صاحب هذه الاطروحة، فلعلّ المراد الدقيق من ذلك هو «منطقة الفراغ عن القوانين الإلزامية» [1].

وخلاصة ما ذكره هذا العالم في توضيح وتبيين نظريته كالتالي:

1. إنّ قوانين الإسلام بالنسبة للنشاطات الاقتصادية لم توضع بشكل مؤقّت (كما تقول الماركسية) بحيث تتبدّل وتتغيّر مع تبدّل العصور التاريخية، بل وضعت لجميع العصور والمراحل، فهي أحكام ثابتة وخالدة.

2. من أجل ضمان هذا الشمول والاستيعاب، فنحن بحاجة إلى عنصر حقوقيّ متحرّك في هذه العصور والمراحل التأريخية بحيث يستجيب لمقتضيات كلّ عصر، ومن أجل الحصول على هذا العنصر المتحرّك يجب تشخيص الأبعاد المتغيّرة في الحياة الإقتصادية للإنسان.

3. وبالنسبة للحياة الإقتصادية للإنسان هنا نوعان من العلاقة: الاولى، علاقة الإنسان بالطبيعة ورؤوس الأموال الطبيعية التي تتلخّص في كيفية الانتاج واستثمار الطبيعة وطريق السيطرة عليها، والأخرى علاقة الإنسان بأبناء نوعه على شكل حقوق وامتيازات لبعض على بعض آخر.

4. والفارق بين هذين النوعين من العلاقة أنّ النوع الأول منها علاقة الإنسان بالطبيعة تتغيّر وتتطوّر، يعني أنّ القوانين في هذه العلاقة تتغيّر بلحاظ التغيّرات في مقدار سيطرة الإنسان على الطبيعة، وإلّا فإنّ العدالة الاجتماعية تكون معرضة للخطر، على سبيل المثال إذا ورد قانون «من أحيى‌ أرضاً فهي له» في عصر وجود المسحاة والفأس، فإنّ ذلك يتطابق مع مقتضيات العدالة الاجتماعية في ذلك العصر، ولكن في عصر الأجهزة والمكائن الحديثة في الزراعة وإحياء الأراضي، فإنّ هذا القانون لا يمكنه تحقيق العدالة، لأنّه سيتسبّب في سيطرة أفراد قلائل بهذه الأدوات المتطوّرة على أراضٍ شاسعة، وهم الذين يملكون القدرة على إحياء هذه الأراضي بما لديهم من إمكانات مادية، ويتبدّلون إلى مالكين كبار، وحينئذٍ لا يتمّ توزيع الثروات الطبيعية بصورة عادلة، ومن هنا فإنّ هذا النوع من العلاقة يحتاج إلى عنصر متحرّك ومتغيّر بإمكانه أن يقف مقابل هذا الخطر.

أمّا النوع الثاني من العلاقة (علاقة الإنسان بأخيه الإنسان) فمن الطبيعيّ أن تكون ثابتة وغير متطوّرة، ولذلك فإنّها تتطلّب قوانين ثابتة (في مقابل قول الماركسية التي تقول: إنّ العلاقات والروابط الحقوقية بين الناس تمثّل أمراً عارضاً وتابعاً لتطوّر علاقة الإنسان بالطبيعة) على سبيل المثال فإنّ كلّ قوم ينالون ثروة من خلال ارتباطهم بالطبيعة، ويواجهون مشكلة كيفية التوزيع العادل لهذه الثروة، وهذه الحاجة هي حاجة ثابتة، ولا فرق في لزوم حلّها ورفعها بين عصر الطاحونة اليدويّة وعصر الماكنة، فالقانون الذي يوضع لغرض رفع مثل هذه المشكلة والحاجة (مثل قانون توزيع الثروة على أساس العمل هو قانون عامّ يسري ويجري في جميع العصور والحقب الزمنية).


[1]. انظر: اقتصادنا، ص 689.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست