و ليس ذلك
إلّا من جهة عموم تلك الاصول و شمولها و جامعيّتها، كيف و قد صدرت من ناحية الخالق
الحكيم العالم بعواقب الامور، الخبير بحاجات نوع الإنسان على مرّ الأيّام و
الدهور، كما أنّ القوانين الطبيعية الإلهيّة ثابتة طول آلاف، بل ملايين سنة و لكن
الإنسان مع ذلك يستخرج ما يحتاج إليه في حياته المتغيّرة في كلّ عصر و زمان من تلك
القوانين الثابتة.
5- إنّ
فقهائنا الأعلام- قدّس اللّه أسرارهم- و إن ألّفوا مئات بل آلاف من الكتب في جميع
أبواب الفقه، من الطهارة إلى الدّيات، و من العبادات إلى المعاملات، إلّا أنّ هذا
لا يعني بلوغ الفقه إلى غايته و وصوله إلى نهايته و عدم الحاجة إلى تأليف جديد في
هذا العلم، فكم ترك الأوّل للآخر، و كم بلغ المتأخّر إلى ما لم يصل إليه المتقدّم،
و لكلّ إنسان حظّه من العلم، فإنّه ليس مقصورا على قوم خاص، فلا يغرنّك وسوسة بعض
القاصرين في ترك الجدّ و الاجتهاد في كلّ مسألة من مسائله، حتّى ما يعدّ من
الواضحات المشهورات، فقد تأتي بالغوص في هذه البحار من الجواهر الثمينة و الدرر
القيّمة ما لم يأتي به الأوائل!
و بهذا القصد
و الامنية بدأنا في هذا الكتاب- أعني كتاب المكاسب من أنوار الفقاهة- و إن كتبت في
هذا الباب كتبا كثيرة جدّا، عسى اللّه أن يجري على قلمي ما ينفع به هذه الامّة و
يفتح لها بعض الأبواب المغلقة، فإنّ ليس هذا على اللّه بعزيز و سوف ترى في هذا
الكتاب بحمد اللّه أبحاثا جديدة في مسائل مهمّة من البيوع و غيرها.
اللهمّ اجعله
لنا ذخرا و كرامة و مزيدا و الحمد للّه ربّ العالمين.
قم المشرّفة-
الحوزة العلمية ناصر مكارم الشيرازي شعبان المعظم/ 1415