و قد يستدلّ أيضا برواية سماعة (11/ 31) و ما فيه من النهي قوله: «إيّاك أن
تشتري منه الورق و فيه القرآن مكتوب، فيكون حراما عليك و على ما باعه» نظرا إلى
أنّ النهي عن شراء الورق شامل لكلّ ورق كتب فيه القرآن [1].
و فيه ما لا يخفى على من راجع صدر الحديث، فانّ الكلام يدور مدار بيع المصاحف،
و النهي عن شراء الورق مقابل لقوله: اشتر منه الدفتين و الحديد و الغلاف. فراجع.
هذا و قد يستدلّ بالسيرة القطعية على بيع هذه الكتب و شرائها و لم يستشكل فيه
فقيه بل متفقّه، و لكن اتّصالها إلى زمنهم عليهم السّلام أيضا غير ثابت، بل قد
يفهم منها جواز بيع بعض القرآن و لو كان مجرّدا عن هذه الكتب لعدم الفرق بينهما،
بل قد يستدلّ به على جواز بيع الكلّ بسبب هذه السيرة، فانّ دليل المنع لم يفرّق
بينهما [2].
و لكن فيه أيضا ما لا يخفى، لأنّ السيرة دليل لبّي لا عموم فيها، و الغاء
الخصوصية منها أيضا ممنوع، و العمدة ما ذكرنا من أنّ الحرمة على القول بها تتعلّق
على عنوان المصحف، فلا تشمل غيره حتّى كتب التفسير المشتملة على جميع القرآن
الكريم (فتدبّر جيّدا).
الرّابع: لا مانع من انتقال المصحف بالإرث أو الهبة أو الوقف الخاص أو شبهها
إلى غير صاحبه، لعدم الدليل على المنع في غير البيع و المعاوضات.
بيع المصحف من الكافر:
ذكر جماعة من الأعاظم منهم العلّامة رحمه اللّه و من تبعه كما حكي عنهم الحاق
المصحف بالعبد المسلم في عدم جواز بيعه من الكافر، و ذكره صاحب الجواهر قدّس سرّه
في ذاك المبحث بعينه من غير تعرّض له هنا [3].