و من الواضح بل البديهي عدم حرمة هذا المعنى و الإجماع قائم عليه، و حتّى لو
كان المراد ما يشغل الإنسان عن اللّه، فانّ الحياة الدنيا كلّها لعب و لهو و زينة
و تفاخر بينكم، كما قال اللّه عزّ و جلّ من كتاب الكريم [1].
و قال ابن فارس في مقاييس اللغة اللهو: كلّما شغلك عن شيء فقد ألهاك.
و قال في لسان العرب: «اللهو ما لهوت به و لعبت به و شغلك» «و اللهو هو اللعب»
و من الواضح أنّه لا يقول أحد بحرمة مطلق اللعب أو ما يشغل الإنسان.
هذا مضافا السيرة المستمرّة عليه، فإنّ كثيرا من أعمال الناس طول الليل و
النهار يشغلهم عن ذكر اللّه و لا يخلو عنه إنسان غير أهل العصمة و الأوحدي من
الناس.
أضف إلى ذلك وجود بعض القرائن فيها أو في غيرها ممّا يدلّ على جواز المزاح في
السفر و الحضر، بل الترغيب فيه إجمالا، و عملهم عليهم السّلام بذلك في الجملة
معلومة مشهورة.
فلا يمكن المساعدة على حرمة اللهو مطلقا، بل لا بدّ من حمل المطلقات على أحد
الأمرين المتقدّمين.
حكم الموسيقى:
بقى الكلام في شيء، و هو من بعض الجهات أهمّ ممّا سبق لابتلاء الناس به في
عصرنا هذا، و كثرة الكلام بل الخلاف أحيانا فيه، و هو حكم اللعب بآلات اللهو و
الموسيقى، و هل أنّه حرام مطلقا أو الحرام بعض مصاديقه؟
قال المحقّق قدّس سرّه في الشرائع: «الثاني ما يحرم لتحريم ما قصد به كآلات
اللهو مثل العود و الزمر، و هياكل العبادة المبتدعة ...».
و قال في الجواهر بعد ذكر هذه العبارة: «بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه
عليه» [2].