قال في الجواهر: لا خلاف و لا إشكال في بقاء الرشوة على ملك المالك، كما هو
مقتضى قوله «أنّها سحت» و غيره من النصوص الدالّة على ذلك، و إن حكمها حكم غيرها
ممّا كان من هذا القبيل، نعم قد يشكل الرجوع بها مع تلفها و علم الدافع بالحرمة،
باعتبار تسليطه، انتهى محلّ الحاجة [1].
و للمسألة هنا صور:
1- إذا كان عين الرشوة موجودة يجوز أخذها بلا إشكال، لبقائها على ملك مالكها.
2- إذا كانت تالفة فإن كان بعنوان المعاوضة أو شبهها في مقابل الحكم فالآخذ
ضامن، و إن علما بالفساد، فإنّ العلم بالفساد لا يوجب التسليط المجاني، بل التسليط
بالعوض إعراضا عن حكم الشرع و اعتناء بحكم العقلاء- إذا جوزوا- أو بناء منه على
صحّة هذا العقد الفاسد من قبل نفسه، و بالجملة لم يقصد المجانية مطلقا، و هذا نظير
غيره من العقود الفاسدة مع العلم بفسادها، فإنّه ضامن لما أخذه إذا كانت ممّا يضمن
بصحيحها كما ذكرناه في محلّه، و كذا إذا كان من قبيل الشرط الضمني، ففيه أيضا
ضامن.
3- إذا أعطاها هديّة و هبة لجلب قلبه، و أتلفها، فالظاهر أنّه غير ضامن، لأنّه
ممّا لا يضمن بصحيحة، فلا يضمن بفاسده، و الدواعي لا اعتبار بها في المعاملات كما
هو ظاهر.
4- لو حاباه في معاملة، فالظاهر فساد المعاملة أيضا، و حيث أنّها ممّا يضمن
بصحيحه يضمن بفاسده، فهو ضامن لما أخذه من المتاع، و البائع ضامن لما أخذه من
الثمن، و القول بأنّه من قبيل الشرط الفاسد و هو لا يوجب الفساد في العقد، ممنوع،
لما عرفت من شمول أدلّة الرشوة و الهبة لنفس المعاملة و لو بملاكها، فهي محرّمة و
أكل للمال بالباطل، و لا يجب الوفاء بها، فهي فاسدة.
الخامس- إذا اختلف المعطي و الآخذ، فقد ذكر شيخنا الأعظم قدّس سرّه من صور
الاختلاف شقوقا ثلاثة و عمدتها:
1- إذا اختلفا فقال المعطي: كانت هدية ملحقة بالرشوة في الحرمة و الفساد، و
قال الآخذ: بل كانت هبة صحيحة.