و أمّا الاولى فيحتاج إلى تحقيق مفاد الإعانة و معناها «أوّلا»، ثمّ نتكلّم في
حكمها «ثانيا».
الإعانة و أركانها:
قبل الخوض في هذا البحث لا بدّ من ذكر مقدّمة و هي:
المشهور تقسيم العناوين إلى قسمين: 1- «عناوين قصدية» لا تحصل إلّا بالقصد،
كالتعظيم و الإهانة، 2- «عناوين غير قصدية» كالضرب و الزنا و قتل النفس و أمثال
ذلك.
و لكن لا بدّ أن يعلم أنّ القصد في العناوين القصدية قد يكون قهريا لا يمكن
عدمه، فمن سبّ غيره في مجمع من الناس فقد أهانه، و لا ينفكّ عن هذا قصدها، كما أنّ
القصد في العناوين الغير قصدية دائما قهري، فمن يضرب غيره بالسياط لا يمكنه عدم
قصده، و سيأتي أنّ حكم الإعانة- لو قلنا بأنّها من العناوين القصدية- أيضا في كثير
من مصاديقها كذلك، فمن أعطى سوطا لظالم عند إرادته ضرب المظلوم فقد أعانه، و لا
ينفك ذلك عن هذا القصد حتّى لو أراد فصله عنه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الأقوال هنا كثيرة:
1- ما عن الأكثر من أنّ الإعانة هي إيجاد مقدّمة من مقدّمات فعل الغير، مع
العلم بكونها مقدّمته، و لو لم يقصد حصول الفعل من غيره.
2- ما عن المحقّق الثاني رحمه اللّه أنّ الإعانة هي ذلك مع قصد الفعل من الغير
كمن يعطي العنب ليعمل خمرا [1].
3- ما عن بعض آخر من اعتبار وجود الفعل المعان عليه خارجا، مضافا إلى ما ذكر.
4- المدار على وقوع الفعل المعان عليه في الخارج و عدمه كما اختاره بعض أكابر
العصر [2].