فالإنصاف : أنّ
إثبات الكراهة هنا من جهة السند في غاية الإشكال ، وإن أمكن إثباتها بملاحظة
الشهرة.
المسألة
الثالثة عشر : في سؤر الحائض الّذي اختلفت كلمتهم فيه حكما وإطلاقا ، وتقييدا وقيدا ،
فعن ظاهر المقنع [١] ، والشيخ في كتابي الحديث [٢] المنع عن
التوضّؤ به مطلقا ، كما عن الأوّل قائلا بأنّه : « لا تتوضّأ بسؤر الحائض » ، أو «
إذا لم تكن مأمونة » [٣] كما عن الثاني قائلا ـ عند رفع التنافي عمّا بين
الأخبار الآتية ـ : « فالوجه في هذه الأخبار ما فصّله في الأخبار الأوّلة ، وهو
أنّه إذا لم تكن المرأة مأمونة فإنّه لا يجوز التوضّؤ بسؤرها »
ثمّ قال : «
ويجوز أن يكون المراد بها ضربا من الاستحباب » [٤].
وأمّا الآخرون
فقد أطبقوا على القول بالكراهة في استعماله مطلقا ، غير أنّه عن مصباح علم الهدى [٥] ومبسوط الشيخ [٦] القول بها في
مطلق الحائض ، وعن المعظم القول بها في المقيّدة بغير المأمونة [٧] ، أو
بالمتّهمة [٨] ، على الخلاف الآتي في ذلك أيضا.
وقد يمنع
مخالفة القولين الأوّلين للأخيرين ، بمنع ظهور لفظ المقنع في الخلاف ، فإنّه وإن
كان بنفسه يفيد التحريم ، غير أنّ الصدوق في الغالب يعبّر عن الحكم بلفظ الرواية ،
والشيخ إنّما ذكر ذلك لمجرّد الجمع بين الأخبار المتنافية كما هو دأبه في غير
المقام ، لا أنّه ذكره عن اعتقاد ، ولذا صرّح عقيب ذلك بإبداء احتمال آخر ، وهو :
« كون المراد بالأخبار الناهية عن التوضّؤ بفضل الحائض مطلقا ضربا من الاستحباب » [٩].
ومن هنا ترى
صاحب المدارك أنّه بعد ما نقل الكراهة المطلقة عن مبسوط الشيخ ، قال : « وجمع في
كتابي الحديث بين الأخبار تارة بالمنع من الوضوء بسؤر غير المأمونة ،